الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تزيد نفوذها في سلاسل توريد البطاريات

الصين تزيد نفوذها في سلاسل توريد البطاريات
6 يونيو 2019 00:58

حسونة الطيب (أبوظبي)

على مشارف مدينة صغيرة قرب حقل مليء بالحشائش في وسط الصين، تدور الماكينات في أحد المصانع، الذي يقوم بصناعة واحدة من المكونات الرئيسة في الاقتصاد العالمي الحديث. وداخل مرجل عملاق، يتم تسخين الصخور المستخرجة من مناجم في أستراليا إلى 1000 درجة مئوية، ثم ترش بحمض معين وتجفف وتنقى إلى مسحوق أبيض ناعم. ذلك المسحوق، هو الذي يحمل الشحنة داخل البطارية لتمكن السيارة الكهربائية من السير.
يباع المنتج، كربونات الليثيوم، بأكثر من 11,5 ألف دولار للطن الواحد ويتوقع أن يتضاعف الطلب العالمي بحلول عام 2023 وفقًا لشركة فولكس فاجن. ومدينة شينيو، التي كانت توفر الليثيوم لقطاع الأسلحة النووية الصيني في ستينيات القرن الماضي، توفره الآن لشركات سيارات مثل، بي أم دبليو وتيسلا وفولكس فاجن.
وأصبحت المدينة، مركزاً مهماً لسلسلة التوريد العالمية للسيارات الكهربائية، لتتساوى في الأهمية في القرن الـ21، مع مرافق التكرير وخطوط الأنابيب والسفن التي دعمت حقبة المواصلات المعتمدة على النفط، الذي ستحل البطاريات محله في نهاية المطاف، وفقاً لصحيفة فاينانشيال تايمز.
وفي غضون سنوات قليلة، أصبحت الشركات الصينية ضمن أكبر المنتجين لليثيوم في العالم، العنصر الخام الأساسي في صناعة البطاريات. وقامت هذه الشركات، بشراء مناجم من أستراليا إلى أميركا الجنوبية وبناء مصانع في الصين لإنتاج الليثيوم والمواد الكيماوية والبطاريات.
وآخر الأمثلة التي تدل على تخصيص الصين أموالاً طائلة للقطاعات سريعة النمو، هو إنتاجها لأكثر من 60% من إجمالي الإنتاج العالمي لليثيوم في شهر أبريل، مقارنة مع 1% فقط لأميركا.
وأثارت هيمنة الصين، على سلاسل توريد السيارات الكهربائية، المزيد من المخاوف في الحرب التجارية، التي قضَّت مضجع واشنطن وبروكسل، المتخوفتين من إزاحتهما بعيداً عن قطاع الجيل المقبل. وفي بداية مايو من العام الجاري، اقترح اثنان من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي مشروع قانون لتعزيز إنتاج أميركا من المعادن الضرورية، مثل الليثيوم، في حين التزم بنك الاستثمار الأوروبي، بتخصيص 350 مليون يورو لدعم مؤسسة نورثفولت السويدية للبطاريات.
وفي الوقت الذي تراقب فيه الحكومات الغربية، أي بوادر للسياسات الصناعية الصينية تدل على مميزات غير عادلة، يتضح أن هيمنة الصين الجديدة على الليثيوم، ليست مصدرها شركات حكومية، بل قطاع خاص ومجموعة من رواد الأعمال الذين تأكدوا من جدوى الفرص الاستثمارية في البطاريات سواء للهواتف المحمولة أو للسيارات الكهربائية.
ارتفعت عائدات شركة جانفينغ ليثيوم ومنافستها تيانكي ليثيوم، من نحو 100 مليون دولار سنوياً، إلى أكثر من مليار دولار خلال عقد واحد فقط، لتنضم بذلك لركب الشركات المنتجة الكبيرة.
كانت الولايات المتحدة، وفي معظم فترات القرن العشرين، أكبر منتج لليثيوم في العالم، إلا أن منجم كينجز ماونتن في ولاية كارولينا الشمالية أغلق في ثمانينيات القرن الماضي، بسبب المنافسة من شيلي. بعد ذلك آلت سيطرة السوق لثلاث شركات كبار، أس كيو أم من شيلي وشركتي ألبيمارل وأف أم سي الأميركيتين. وفي عام 2015، استحوذت ألبيمارل، على نظيرتها الأميركية روكوود، بينما انفصلت أف أم سي، عن شريكتها لعمليات الليثيوم في السنة الماضية.
بعد إدراجها في بورصة شينزين في 2010، تحولت جانفينغ إلى شركة منافسة، وبدأت في تأمين حصص لها من الليثيوم حول العالم، لتقوم في 2015، بشراء نسبة في منجم ماونت ماريون في أستراليا.
وقعت الشركة، في أبريل الماضي، على اتفاقية يتم بموجبها تمويل فولكس فاجن ببطاريات الليثيوم لمدة 10 سنوات، حيث تخطط الأخيرة لإنتاج أكثر من 70 موديلاً من السيارات الكهربائية على مدى العشر سنوات المقبلة، ضمن عدد مستهدف بنحو 22 مليون سيارة كهربائية بحلول 2028.
لكنْ يكمن طموح جانفينغ الأكبر في الأرجنتين، ما يمكن أن يحولها إلى شركة عالمية كبيرة. وقامت الشركة، في العام الماضي، بشراء 38% من مشروع كاشاري أولاروز لإنتاج الليثيوم من شركة أس كيو أم، لترتفع الحصة إلى 50% في أبريل الماضي، مقابل 160 مليون دولار. ويخطط المشروع للبدء في الإنتاج في النصف الثاني من 2020، بسعة إنتاجية تصل إلى 25 ألف طن من كربونات الليثيوم سنوياً.
وعلى الجانب الآخر، وسعت تيانكي وجودها في منطقة الإنديز في شيلي، حيث أنفقت في العام الماضي، نحو 4,1 مليار دولار للحصول على حصة قدرها 24% في شركة أس كيو أم. إضافة إلى محطة الليثيوم التي اشترتها الشركة من الحكومة في منطقة سيشوان مقابل 1,6 مليون دولار في 2004، تقوم تيانكي، بجلب الليثيوم من أستراليا. يقدر إنتاج الشركة حالياً من الليثيوم، بنحو 17 ألف طن سنوياً.
وفي عام 2012، فازت الشركة بمناقصة استحوذت بموجبها على منجم جرينبوشيز، أكبر مرفق لإنتاج الليثيوم في العالم، الذي ظل يعمل منذ ذروة الذهب التي عاشتها أستراليا في 1888.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الشركات الصينية لإثبات وجودها على الصعيد الخارجي، مع التركيز على زيادة حجم الإنفاق، دفع ذلك بعض الشركات الأميركية الكبيرة مثل، ألبيمارل، للموافقة على دفع 1,15 مليار دولار مقابل الحصول على حصة قدرها 50% في مشروع وادجينا لليثيوم في غربي أستراليا. وعلى صعيد الاستثمار على مدى السنوات القليلة الماضية، أنفقت الصين بمفردها أكثر من 50% في مشاريع الليثيوم.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©