الأحد 12 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

أدباء ومثقفون: الإمارات تعـيش اليوم عصر المعرفة الذهبي

أدباء ومثقفون: الإمارات تعـيش اليوم عصر المعرفة الذهبي
5 سبتمبر 2019 02:10

فاطمة عطفة

يواجه الإنسان في عصرنا وسائل كثيرة ومجالات متنوعة لتحصيل المعرفة، وفي بعض الأحيان يخطئ في الاختيار وتذهب جهوده سدى، لكن فرص الفائدة تكون دائماً أوسع وأقرب. لكن في عصرنا الراهن، ذلك العصر الذي يشهد، يوماً بعد يوم، نقلات مذهلة في مجالات الثورة الإلكترونية ووسائلها المتعددة، وهي الوسائل التي شقت دروباً مغايرة تماماً عما سبقها في مجالات التزود بالمعرفة، وفي لقاء مع عدد من المثقفين والمبدعين، نتناول أوجه هذه التحديات التي صنعتها المعرفة الجديدة بما فرضته من حضور طاغٍ للوسائل التكنولوجية، فيما تكاد الطرق الورقية التقليدية تتوارى أو على الأقل تفقد جزءاً كبيراً من تأثيرها. فكيف ينظر المثقفون والمبدعون إلى هذا الصراع؟ وما هو شكل المستقبل المعرفي؟

الروائي علي أبوالريش، المعروف بمحبته للورق لأنه من إنتاج الطبيعة، يتناول الموضوع من جوانب متعددة، قائلاً: المعرفة الإلكترونية الحديثة هي الخروج من طائلة البطء وتمزق قماشة التواصل إلى الدخول في محيط التواصل الإنساني على مختلف المستويات، وأبرزها المستوى الثقافي الذي أصبحت فيه لغة التفاهم والانسجام، مثل ما هو تعانق أغصان الشجرة الواحدة.
وحول أهمية استفادة الكاتب أو القارئ من وسائل المعرفة الحديثة، يضيف أبوالريش موضحاً: أصبحت اليوم وسائل المعرفة مثل النهر الذي تسبح فيه طيور العالم بأجنحة الوعي مولعة بقيمة الثقافة العالمية، كما أن المعرفة الحديثة جسرت الفهم بقيمة القضايا الإنسانية، ما يجعل الكاتب على صلة واسعة بما يجري، فالتضاريس العالمية، ومن خلال المعرفة الحديثة، مكنت الكاتب من أن يكون مطلعاً واعياً بما حوله من الهموم الوطنية والعالمية على حد سواء. وقد فتحت المعرفة الحديثة أزاهير الوعي ليبقى متسعاً مثل ما هي المحيطات التي تطوق الكرة الأرضية.
وحول بقاء الكتب الورقية محتفظة بمكانتها أو أنها مهددة، يقول أبوالريش: طالما نجد في الورقة التي نكتب عليها ما يثير الأشجان الإنسانية ويلامس الوجدان، كون الورقة مشتقة من أمنا الشجرة، فنحن لا نستطيع أن نستغني عن أشجار طبيعتنا بأشجار بلاستيكية، وستبقى هذا الأشجار (البلاستيكية) هي أشجار زينة لا غير، وسيبقى الورق يحمل رائحة الطبيعة التي نحن منها وإليها. ولا بد أن نفكر جيداً بما تبديه الورقة من حميمية ولواعج أشجان جاءت من صلب التاريخ، ونحن في التاريخ روافد تشد بعضها بعضاً.
وعن الجهود والمشاريع التي تقوم بها دولة الإمارات في نشر الثقافة والمعرفة الحديثة، يتابع الروائي أبوالريش حديثه، قائلاً: لقد شدت الإمارات لجام الجواد فوثب جامحاً باتجاه الأفق خفاقاً تواقاً مشتاقاً إلى المجد، يسدد خطى الجيل ويمنحه الوعي لمحبة العالم والاندماج في الطبيعة والأخذ من معرفتها، كما ترتشف الفراشات رحيق الأزهار، وكما تنجذب النحلة إلى عطر الورود في بساتين الحياة. الإمارات فهمت واستوعبت مدى ما يمكن للمعرفة من أجنحة تحلق بالعارفين في فضاء لا حدود له ولا نهايات. حقيقة تعيش الإمارات اليوم عصر المعرفة الذهبي وطوقت وعي أبنائها بكل ما يفتح النوافذ على الآخر، وما ينسجم مع إرثها الحضاري العريق، وفي كلتا الحالتين نستطيع أن نقول إن الإمارات هي الحقل الذي ترتاده طيور العالم من كل فج عميق.

كبسة زر
يقول الشاعر خالد البدور: مع تطور وسائل الاتصال الحديثة، لاحظنا تطور وسائل الوصول إلى المعرفة بشكل غير مسبوق. في الماضي كنا عندما نريد الحصول على معلومة نذهب إلى مكتبة معينة لنجد المرجع أو الكتاب، اليوم بكبسة زر نستطيع الوصول إلى ما تحتويه المكتبات من كتب، كذلك نستطيع قراءة كتب بشكل إلكتروني، نستطيع أن نصل إلى مصادر البحث وحتى مراجعة أعمال بعض المؤلفين. هذا الزمن أتاح سرعة المعلومة أكثر بكثير من السابق.
يتابع البدور قائلاً: بالنسبة للكاتب، عملنا يحتاج دائماً للمراجع والكتب والقراءات، وبالتالي وجود وسائل التواصل الحديثة والإنترنت أتاح للكاتب أن يتعرف على آخر إصدارات الكتاب الآخرين. ومن خلال المراجع يستطيع المتابع أن يقرأ عن الكتب التي أصدرت في نفس اليوم ومن أي مكان في العالم ولا ينتظر مدة لمعرفة الكتاب، بل يتم الحصول عليه بسهولة ويسر خلال دقائق قليلة، سواء كان النشر إلكترونياً، أو حتى يمكن طلب الكتاب من الإنترنت. أما بالنسبة للقارئ، فقد أتاحت وسائل المعرفة الحديثة له إمكانية الوصول إلى المعرفة والمعلومة بشكل سريع جداً وسهل. وأي سؤال يخطر على بال القارئ أو الكاتب يستطيع أن يتعرف عليه، على سيرته أو عدد كتبه وأين توجد كتبه ومتى صدرت. أصبح من السهل جداً الوصول إلى طرق المعرفة ومصدر الكتب والمراجعات، هذا كله يعود لحسنات وسائل المعرفة الحديثة.
أما التخوف من احتمال أن تكون هذه الوسائل الحديثة على حساب انتشار الكتاب الورقي وابتعاد القراء عنه، يقول البدور: إن كانت الكتب الورقية مهددة، فإن هذا يرجع إلى أن الجيل الجديد يريد أن يقرأ بشكل سريع من خلال الكتاب اللوحي أو الموبايل الذي في يديه، حيث يستطيع أن يحمل آلاف الكتب وينتقل فيها. لذلك، هذا الجيل نعم يتعود على قراءة الكتب من خلال الأجهزة الإلكترونية، لكن في بعض الدول وبعض الجامعات ودور النشر المعروفة ما زالت تحرص على طباعة الكتب والأبحاث والمراجع الرئيسية. وهناك مكتبات الجامعات ومراكز الأبحاث ما زالت تحرص على وجود الكتاب المطبوع، وهناك ما زالت مراكز بحث كثيرة في العالم تهتم وتحرص على الكتاب الورقي، ولكن بعض الصحف التي تطبع أصبحت تقرأ إلكترونياً. واختتم الشاعر خالد البدور بقوله: رغم وسائل المعرفة هذه، فإنني أعتقد أن العالم لا يمكن أن يستغنى عن الكتاب الورقي، وقراءته لها نكهة خاصة.
بدوره، يقول الروائي الدكتور حمد الحمادي: شخصياً لا أحبذ استخدام مصطلح المعرفة الإلكترونية بحكم أو وسيلة تلقي المعرفة ورقياً أو إلكترونياً لا يجب أن تحدد تسمية المعرفة، المحتوى سواءً كان ورقياً أو إلكترونياً، هو الذي يحدد التسمية. ويتابع: إن الوسائل الإلكترونية فتحت آفاقاً واسعة، سواء للكاتب أو القارئ، بالنسبة للكاتب أصبحت هذه الوسائل طريقة ناضجة وعملية لنشر المحتوى. وبالنسبة للقارئ أصبحت هناك ما يشبه المكتبة الافتراضية التي تتيح تلقي المعرفة بشكل أوسع. ومع ذلك لا أعتقد أن الكتب الورقية مهددة لأن طبيعة القراءة ورقياً هي طبيعة بشرية لن تلغيها الوسائل التكنولوجية. دولة الإمارات أصبحت قوة معرفية للعالم العربي، فالجهود الكبيرة في هذا المجال تنمي المحتوى الإلكتروني العربي الذي حدته ورقياً الكثير من الظروف.

الوعي الثقافي
حول مفهوم المعرفة في زمن الإلكتروني، جاء رأي الكاتب حارب الظاهري، مشيراً إلى أن المعرفة هي مشروع ثقافي علمي أدبي، وهي كلمة شاملة شاسعة، ولذا ما عدا التخصص في مجالات العلوم والطب وما شابه، ولكن لا يمنع بأن التقارب المعرفي بات قريباً من التخصصات وهناك مؤشرات معرفية من خلال المحطات الإلكترونية، إضافة الكثير من الوعي الثقافي، لذا هناك شعور بأن المعرفة من خلال الزمن الإلكتروني أزالت الكثير من الأطر التقليدية.
كيف يمكن الاستفادة من وسائل المعرفة الحديثة بالنسبة للكاتب والقارئ؟ يجيب حارب الظاهري: بالنسبة للكاتب اتسعت لديه رقعة المعرفة، بل صار يوظف الكاتب هذه الوسائل المتعددة في ترجمة ما يصبو إليه من كتابات وإبداعات وأفكار ثقافية، وهذه الوسائل تنتصر للثقافة والمثقف والكتاب، وبالنسبة للقارئ لا شك أن الوسائل أعطت القارئ متسعاً كبيراً للمعرفة، وبات من السهل التقارب ما بين الكتاب والقراء. وفي زمن هذا الفضاء الشاسع من وسائل المعرفة تحطمت الحقب الثقافية، كان لكل حقبة كتابها وأعمدتها الكبيرة التي خلقت من قبل بعض من الأطر الثقافية، لذا كانت لكل حقبة زمنية رموزها، لكن في هذا الزمن بات الاندماج أكثر تأثيراً وحضوراً.
ويضيف الظاهري: أرى أنه على العكس مما يقال، فإن الزمن الإلكتروني عزز وجود الكتب الورقية، لأنها هي الأساس وهي أكثر مصداقية ولا أعتبرها مهددة. وحول ما تقوم به الإمارات في نشر المعرفة الحديثة ووسائلها، أوضح الظاهري أن الإمارات سباقة في هذا المجال وتحفل بكثير من التفوق المعرفي الذي لا تجده في دول أخرى متقدمة، وهذه حقيقة بأن الثقافة الإلكترونية مشرقة هنا إلى أبعد حد، بل كل فئات المجتمع في الإمارات تشعر بهذه النقلة المعرفية والثقافية من خلال التعامل اليومي بالمؤسسات الحكومية أو المجتمعية وعالم الاتصالات، كل هذا يجسد بأن الإمارات تخطو سريعاً نحو مبتغاها في نشر المعرفة الحديثة.

العصر الذهبي
يرى الكاتب سعيد سالم البادي أن: مفهوم المعرفة لم يعد كما كان، تماماً كما هي حياتنا التي تغيرت بشكل جذري بدخول التكنولوجيا في حياتنا، قد يكون من حسن الحظ أن التكنولوجيا سهلت علينا الحصول على المعلومات، لدرجة أن يصبح الحصول على المعلومة أسهل من الحصول على شربة ماء، ألسنا في عالم ما كنا نتخيله؟ الواقع أننا نعيش عصر المعرفة الذهبي، هذا ما نعتقده على أي حال، لكن الأيام تحمل لنا كل يوم شيئاً جديداً في عالم التكنولوجيا والتقنية الحديثة والإنترنت التي سهلت حياتنا، بل وسهلت أعمالنا في كل القطاعات، حتى أصبح العالم قرية صغيرة جداً إن لم يكن حياً في قرية صغيرة.
وكيف يمكن الاستفادة: بالنسبة للقارئ فلم يعد لديه عذر للتقاعس عن القراءة أو عدم الحصول على المعلومة، قبل يومين كان أحد الأصدقاء يتحدث عن أمنيته في دراسة علوم الإنسان أو الأنثروبولوجي ويعتقد أن الوقت تأخر، خصوصاً أنه أنهى دراسته الجامعية منذ زمن طويل، لكنني أخبرته أن المسألة أصبحت سهلة جداً بوجود الإنترنت، فالدراسة لم تعد حكراً على الجامعات أو لم تعد مقصورة بمقاعد الدراسة، أما ككاتب فإن أمام الكاتب توجد كل المراجع وأمهات الكتب وكل المعلومات التي قد يرغب في الحصول عليها أو يبحث عنها، الواقع أنها في يده أو في جيبه يحملها أينما ذهب ولذلك لم يعد هناك حاجة لزيارة المكتبة، ولذلك تقع عليه مسؤولية إبداعية أكبر لأن عليه أن يضع المعرفة التي يستقيها بسهولة، في إطار أعمال إبداعية تساهم في نشر المعرفة بشكل مبسط.
وعن نهاية زمن الكتب الورقية، يبين قائلاً: أعتقد أن هذا السؤال يشبه السؤال الذي طرح قبل أكثر من خمسين عاماً وهو هل انتهى عصر الإذاعة بعد ظهور التلفزيون؟ وكما نرى اليوم الإذاعة لا زالت تتألق في الفضاء الإلكتروني أيضاً، الأشياء لا تموت عندما تكون قادرة على التطور ومواكبة العصر، الكتاب الورقي لن يموت لأن طقوس قراءته تختلف عن طقوس قراءة المنشور الإلكتروني أو الكتاب الرقمي، لا زال هناك قراء يفضلون الكتاب الورقي، ولننظر إلى الولايات المتحدة، حيث يزدهر الكتاب الورقي، ربما حتى أكثر من السينما، إذ المعيار هو المحتوى وليس الشكل فقط.
وعن نشر وسائل المعرفة الحديثة في الإمارات يقول البادي: الواقع أننا نعيش عصر المعرفة في الإمارات بشكل غير مسبوق، إننا نعيش عصر الذكاء الاصطناعي، كل شيء أصبح ذكياً، وكل شيء يخدم المعرفة ويخدم الإنسان على أرض هذه الدولة الغالية، لقد احتلت الإمارات مكانة متقدمة في سجل الكبار في مجالات التكنولوجيا والعلوم، هنا لدينا جامعات رقمية، وجامعات تكنولوجيا وقرى للمعرفة ومسابقات تحفز الحصول على المعرفة، الحقيقة أن الإمارات تنير دروب المتعطشين للمعرفة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©