الجمعة 17 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

الشعوب العربية ... وداعاً لشماعة الخارج

الشعوب العربية ... وداعاً لشماعة الخارج
10 يونيو 2011 21:36
بعد مرحلة صمت رهيبة مرت بها الشعوب العربية تخللتها محاولات هنا وهناك للإشارة إلى وجود خلل طال سياسات الحكم في أكثر من بلد عربي. وسبب الخلل الذي طال بعض البلدان العربية يعود إلى مشكلات مزمنة، منها استشراء الفساد والقمع وكبت الحريات العامة والفردية، وبعد أن شبعت شعارات مؤدلجة وخطابات نارية مفتعلة وادعاءات، ومزاعم واهية بتحرير فلسطين والأراضي العربية المحتلة، وبعد أن حدثت ثورات وانتفاضات في دول المنظومة الاشتراكية السابقة وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي السابق، والتي تحولت إلى تسمية روسيا- وبعد تطور التكنولوجيا الحديثة وانتشار الفضائيات والانترنت ببرامجها التفاعلية ومواقعها ومدوناتها التي تفسح مجالاً واسعاً لحرية التعبير السياسي، وكذلك الهواتف المحمولة، والتي سميت بثورة التكنولوجيا. وبعد الطفرة التقنية التي لعبت دوراً فاعلاً في تسيير دفة التغيرات التي وقعت في بعض البلدان العربية. أقول بعد كل هذه التطورات والتراكمات الاحتقانية التي تفاعلت مع الوسيلة التكنولوجية القادرة على حمل هموم هذه الشعوب وكشف أستار الاستبداد والقوى التي تستغله، استفاقت بعض الشعوب من نومها الكهفي العميق لتبدأ مرحلة جديدة يسميها المفكر التونسي المنصف المرزوقي "الاستقلال الثاني". ويبدو أن هذا ما حدث فعلاً في تونس ومصر، وكذلك ما يحصل في ليبيا واليمن، إضافة إلى محاولات أخرى في دول تشهد مطالبات بتعديل دستوري يروم تحديد الصلاحيات التنفيذية. الكثير من المثقفين مارسوا لعبة الانتهازية والانتفاع من السلطة طيلة عقود...وهؤلاء كانوا نخبويين إلى درجة كبيرة، ولم يستطيعوا مقاربة هموم وأوضاع الشعوب العربية ومعرفة أو استشعار نبضها المناهض للاستبداد والقهر والفساد. لقد تحول اهتمام الشعوب العربية إلى الشؤون الداخلية من تنمية اقتصادية واجتماعية وثقافية وتراجعت لديها الهموم الخارجية إلى الدرجة الثانية، بعد أن فشلت الأنظمة العربية في ترجمة شعاراتها الطوباوية إلى أرض الواقع. إن اللحظة التاريخية الراهنة هي لحظة مفصلية مهمة وحساسة، ونحن أمام تحول كبير وهائل بانتقال بوصلة الاهتمام العربية إلى الديمقراطية المناسبة للوضع الاجتماعي للشعوب العربية. ويبدو أن كل هذا سيؤثر على القوى الدولية ليفرض عليها رسم سياسات جديدة بالرضوخ لإرادة الشعوب العربية وفصم العلاقة مع الأنظمة الاستبدادية، التي لم تحظ بقبول داخل مجتمعاتها. إن التغيرات العربية قد شكلـت صدمة للكثير من القوى الإقليمية والدولية، وكذلك قلبت حسابات الكثير من المراقبين والمحللين. وهذه التطورات أيضاً كذبت تحليلات وشروحات وتفسيرات الكثير من الإعلاميين الذين ربطوا كل ما يحدث في العالم العربي بالتحديات الخارجية غامضين أعينهم عن التحولات العميقة تحت سطح قشرة الواجهات الاستبدادية. إن الاستحقاق التاريخي الذي ستناله الشعوب العربية استحقاق ضخم والخريطة السياسية ستتغير بصورة سريعة وفاعلة، هذا الاستحقاق يأتي بعد مخاض عسير للأغلبية الصامتة، التي صمتت طويلًا لكنها قالت كلمتها جسداً محروقا لبوعزيزي الذي سنجد له صوراً وتماثيل وكتابات عنه كمشعل للتحولات العربية الحديثة، ثورة الاستقلال الثاني ثورة التغيير والحداثة والتنمية والحرية وانطلاق الإعلام المعبر عن تطلعات الشعوب العربية بالتحول والتطور الواثق المصمم للحاق بركب الحضارة العالمية بكل قوة وتوازن وجدارة. حواس محمود - كاتب سوري ينشر بالتعاون مع مشروع «منبر الحرية»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©