الخميس 16 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

صالح كرامة يكشف جانباً من الصراع الإنساني في الغربة

صالح كرامة يكشف جانباً من الصراع الإنساني في الغربة
28 يونيو 2011 23:07
للمرة الثالثة على التوالي يفوز المؤلف والمخرج صالح كرامة العامري بجائزة التأليف المسرحي التي تمنحها دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة كل عام، والتي تم تسليم جوائزها الأسبوع الماضي، بنص مسرحي بعنوان “حديث المساء”. تتمحور المسرحية حول صراع بين أخوين هما شقير وسبران، حيث يعيش الثاني في الغربة التي اقتطعت جزءاً كبيراً من حياته في مدن الثلج الشمالية البعيدة، أما شقير فهو شاب لعوب يعيش في مدينته التي ولد فيها، وكان جلّ حياته قد قضاه على جهود أخيه سبران الذي كان يبعث له نقوداً ليساعده مع أمه وهما يعايشان حرباً ضروساً كانت مدينتهما فيه تقصف بشدة وعنف. وتستمر الحكاية بهرب شقير إلى مدن الثلج ملتحقاً بأخيه، فيتقابل الشقيقان بكل حب في الأيام الأولى، غير أن الليالي التي تلي هذا اللقاء تكشف عن تاريخ طويل من الألم والعتاب، وكل ذلك يؤدي إلى صراع تتمخض عنه التفاصيل الصغيرة التي يتهم فيها سبران أخاه شقير بسرقته خلال خمسة وعشرين عاماً، حينها تبدأ المصارحة التي يفترضها شقير بأنه لابد له من أن يسرق أخاه وتلك من وجهة نظره حالة شرعية كونه يعيش تحت ألم القصف وخوف الحرب ولذا كان على أخيه المتغرب في مدن الثلج أن يصفح عنه ويتفهم تلك الحالة بطريقة أكثر شفافية ومشروعية. وفي لقاء مع “الاتحاد” يرى صالح كرامة أن النص لا يؤشر على انتهاء الحكاية كونها قد أحدثت شرخاً في الحياة بين أخوين، والدليل على ذلك أن شقير يغادر مع عامل الصيانة فيترك سبران وحيداً. وحول تساؤلنا عن دلالة النص - كونه نصاً متداولاً حكائياً يمكن لنا أن نلمسه في كثير من البنى الاجتماعية التي عانت من الحروب الشرسة، وعن الجديد الذي يتوخى منه صالح كرامة وعن دلالة المألوف حين يتحول إلى لا مألوف في النص قال “أعتقد أن اللغة التي كتبت بها النص وطريقة بنائها الدرامي التي حاولت فيها أن أشكل جوف الجملة الصادمة التي توازي صدمة الواقع هما ما جعل المألوف الواقعي غير مألوف في النص الأدبي، ومن تشكلات هذه اللغة نقرأ ما قاله سبران لأخيه شقير “أنت صحيح أتيت من مدن هلكت والتعن خير أبيها وتصايح أهلوها وانهرسوا تحت القصف، ولكن نحن أيضاً بشر يفترض عندما نسعل في الغربة، تسارع إلينا يدٌ حانية تربت علينا فلا نجد هذه اليد، عندها يصبح مصيرك كمصير الخنفساء التي تطوي العمر وهي تلاحق قدميها” هنا تبدأ لعبة الحكاية واللغة -كما يقول العامري- عندما تتشكل الجملة الصادمة بموازاة الألم في الحكاية”. ويصر صالح كرامة على أن حجج شقير قد أدرجت في النص حينما يقول “الحي أولى من الميت، أتعرف ما معناه، إنني أنا الذي كنت حياً وسط الأموات”. وهكذا يتبادل شقير وسبران طروحاتهما في الحياة والمواقف ويتشكل بذلك الصراع الأزلي بطريقة لا تخلو من القسوة، وكأن صالح كرامة يخلق نصاً موازياً للحياة في صراعها اللامتناهي. وحول عنوان النص “حديث المساء” يقول صالح كرامة “من الطبيعي جداً أن ألتقط هذا العنوان كون مدن الثلج تخلق عالماً حكائياً يجري غالباً في المساء هرباً من صقيع الشارع حينها يلتجئ الأخوان إلى حديث قد يظن أنه جميل إلا أن أسراره تكشف عن مأساة عاشها الاثنان”. ويرفض صالح كرامة أن يكون نصه “حديث المساء” قد استحضر الصراع التقليدي بين الأخوين ويرى أن ذلك لم يرد في ذهنه مطلقاً، إنما ما كان محفزا على التقاط هذه الحالة هو طبيعة الصراع بين المانح والمستقبل. وهنا يقول صالح كرامة “أعتقد أن بؤرة التساؤل كانت لدي تتلخص في حساسية تلقي المنحة بين الأخوين، وربما جر ذلك الى تساؤلات أخرى من مثل هل كان سبران عندما يمنح أخاه يمتلك روحاً عفوية أم هو صاحب أسلوب نفعي؟ ومن جهة أخرى هل كان شقير يستقبل هذه المنح بطريقة مشابهة أم بأسلوب نفعي يبرر سرقته لأخيه بكل بساطة؟. ويقول صالح كرامة “يستغرق الصراع في المسرحية أكثر من ساعة منفذه على خشبة المسرح بديكور واحد “منظر واحد” وهو “شقة سبران” وبذلك يقدم هذا الصراع الذي يرى أنه لم ينته لحد هذه اللحظة على مبدأ تشظي العلاقات الإنسانية في ظل عالم ممزق. ولصالح كرامة عدد من المؤلفات الأدبية في المسرح والقصة ومنها مسرحية “السدادة” و”خذ الأرض”، و”هواء بحري” و”حاول مرة أخرى” و”حرقص” وفي القصة مجموعة قصصية بعنوان “سهرة مع الأرق” وله تحت الطبع مجموعة قصصية بعنوان “سلاحف البحر تعود”.
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©