الأحد 19 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

مؤتمر أبوظبي الدولي السابع للترجمة.. «كلمة إلى العالم»

مؤتمر أبوظبي الدولي السابع للترجمة.. «كلمة إلى العالم»
27 نوفمبر 2019 02:36

فاطمة عطفة (أبوظبي)

افتُتحت، أمس، فعاليات مؤتمر أبوظبي الدولي السابع للترجمة الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي تحت شعار «كلمة إلى العالم»، في المجمّع الثقافي بمشاركة نخبة من المؤلفين والأكاديميين وكبار المترجمين والناشرين المرموقين من المنطقة وحول العالم، لتسليط الضوء على الدور المهم للترجمة والأعمال الأدبية في نقل المعرفة، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الثقافات حول العالم، ولتقديم رؤية مستقبلية تعزز أهمية الترجمة في مد جسور التواصل.
حضر افتتاح المؤتمر سعادة الدكتور علي بن تميم رئيس مجلس إدارة هيئة أبوظبي للغة العربية، وباتريك مودي سفير بريطانيا لدى الدولة، بحضور 41 خبيراً وأكاديمياً من 21 دولة عربية وأجنبية.

«كلمة» بـ 18 لغة
في كلمته الافتتاحية، أشار عبدالله ماجد آل علي المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب بالإنابة في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، إلى الدور الكبير الذي لعبه مؤتمر أبوظبي الدولي للترجمة على مدار سنواته الماضية في ترسيخ دور مشروع «كلمة» للترجمة كداعم محوري في نقل المعرفة من حول العالم إلى القارئ العربي بمختلف اهتماماته.
وأضاف قائلاً: «نحتفي معكم اليوم بتحقيق مشروع (كلمة) إنجازاً آخر يتمثل في إضافة 5 لغات عالمية جديدة إلى قائمة ترجماته وهي: الكورية، الأوكرانية، الفنلندية، البولندية، والهندية، ليصبح إجمالي اللغات 18 لغة عالمية. رغم أنه واجهتنا الكثير من التحديات في مشروع (كلمة) للترجمة تتعلق بفنيات الترجمة إلى اللغة العربية، إلا أن مؤتمرنا اليوم يأتي كمنصة لتبادل آفاق الترجمة وإشكالاتها عبر التفكير المشترك والحوار الفعال والتلاقي والتشاور، بما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات في التسامح والانفتاح على الآخر من خلال ثقافته وحضارته».

خيارات ومعايير
جاءت الجلسة الافتتاحية بعنوان: «ما يترجم وما لا يترجم من اللغة العربية وإليها»، وناقشت في محاورها خيارات الترجمة من العربية وإليها، سواء كانت موضوعية أم تحكمها معايير أخرى، كما سلطت الضوء على مؤثرات ومقاصد الترجمة من «العربية» في ظل هيمنة الرائج والمكرس في السوق العالمية، كما تناولت آليات الترويج للكتاب المترجم من العربية إلى لغات أخرى.
شارك في الجلسة كل من ديفيد فاغنر، المؤلف والكاتب الألماني، وأ.د. سعد البازعي، الناقد والأديب السعودي، وفريدريك لاغرانج، أستاذ الأدب العربي في جامعة السوربون. وأدار الجلسة د. سهيل الزبيدي، الإعلامي في قناة أبوظبي.
وأشار ديفيد فاغنر إلى أن المترجمين هم أفضل أنواع القراء، وأن ترجمة أعماله كانت طموحاً شخصياً، لكنه لم يتحقق إلا في كتابه السابع. وتكلم حول أهم مفارقات الترجمة ودقة معاني الترجمة من اللغة الأصلية، بشكل يقدم روح المحتوى، وذلك للوصول لقارئ العمل المترجم من قصص وتجارب ومشاعر إنسانية.
وأشاد فاغنر بأهمية هذا المؤتمر الذي تحتضنه أبوظبي، وقال: من أهمية الترجمة أنها تعمل على بناء الجسور بين الحضارات وأنها تجعلنا نقرأ، لافتاً إلى أن قراءته قصص ألف ليلة وليلة علمته الكثير عن الموت والحياة، وأوضح: عندما أكتب قصة فهذا يعني أنني أموت قبل أن أنهيها، لذلك أرى أن الترجمة هي عملية كتابة. وشدد على أن المترجم والكاتب شريكان في النص، وأن سلطة الترجمة هي بيد المترجم، معرباً عن امتنانه العميق للمترجمين العرب والصينيين «على ترجمة كتابي (الحياة)، أشكرهم وأنا أعبر معهم ضفة النهر إلى الجهة الأخرى».
وتحدث أ.د. سعد البازعي عن التحديات التي تواجه قطاع الترجمة، وسلط الضوء على أهمية وضع معايير من قبل هيئات غير ربحية بإمكانها توجيه أعمال الترجمة لما ينبغي ترجمته، وتعمل أيضاً على تعزيز دور المراجعة الأدبية في الارتقاء بجودة الترجمة، وأشار أيضاً إلى أهمية ترجمة المجلات العلمية، وذلك لإيصال آخر ما وصلت إليه المعرفة الدولية في كل المجالات ذات الأولوية للوسط العلمي والأدبي في العالم العربي.
وتساءل د. سعد البازعي: ما الذي ينبغي أن نترجم؟ وقال: أعتقد أن الترجمة تتحقق عبر مصدرين: دور النشر والمؤسسات غير الربحية، أما دور النشر فهي في الغالب تترجم الرائج والقابل للتسويق، بينما المؤسسات المعنية بالترجمة تترجم من أجل نشر الأدب المترجم. إذاً، علينا التفريق بين ترجمة للسوق وترجمة لأجل الأدب نفسه. وأشار البازعي إلى أهمية عامل الثقة في عملية الترجمة، ولو أن معايير الثقة هذه تتفاوت، لافتاً إلى أن المراجعة أيضاً لها أهمية كبيرة. وأشار د. البازعي إلى الترجمات التجارية التي تأخذ عن الكتاب المترجم أصلاً وليس عن الأصل، بينما المؤسسات غير الربحية تقدم للثقافة أعمالاً جميلة جداً. وأكد د. سعد البازعي أن الثقافة العربية اليوم بحاجة للترجمة خاصة في الجانب العلمي.
واختتم قائلاً: علينا أن نترجم من لغتنا، التراث ما زال غائباً، وهناك ضرورة لترجمته. لماذا لا نترجم الرحلات؟ يجب أن نترجم ما لدينا عن الآخر، وأن يعرف الآخر عنا أيضاً، لدينا الكثير لنقدمه إلى العالم، نحن بحاجة إلى الآخر كما هو بحاجة إلينا. واختتم البازعي بقوله إنه يجب أن تصحح الصورة النمطية عن الإسلام.
وناقش فريدريك لاغرانج، أستاذ الأدب العربي في جامعة السوربون، موضوع ترجمة الرواية العربية المعاصرة إلى الفرنسية، وأشار إلى مقاصد الترجمة في ظل هيمنة الأعمال الرائجة على ما يترجم وما لا يترجم في الحقل الأدبي العربي. وشدد على أهمية إخضاع الترجمة وبالذات الأعمال الروائية إلى قواعد الحقل الأدبي، حيث قال: «إن ترجمة العمل (غير المؤهل) إلى لغة أجنبية أمر يمنحه رأسمالاً رمزياً ومجازياً غير مستحق، بل يخل بالتوازنات، ويعطي صورة غير مقبولة للساحة الأدبية العربية».

واقع الترجمة
تناولت الجلسة الثانية، واقع الترجمة من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى والتي شارك فيها الرئيس التنفيذي لقطاع الأدب والنشر والترجمة في وزارة الثقافة السعودية الروائي محمد حسن علوان، ومدير المركز القومي للترجمة في القاهرة أنور مغيث، والناشرة ورئيسة تحرير مجلة «بانيبال» مارجريت أوبانيك، وأدار الجلسة الشاعر والإعلامي الإماراتي عادل خزام.
تحدثت مارجريت أوبانيك عن بدايات مجلة بانيبال قبل 22 عاماً، وهي مجلة متخصصة حصرياً بنشر الأدب العربي الحديث إلى الإنجليزية، حيث عرضت جملة من التحديات التي واجهتها في ترجمة الأعمال الأدبية العربية، وكيف أصبحت المجلة مرجعاً دولياً وللوسط العربي على حد سواء، وذلك بفضل الاعتماد على مجموعة من المترجمين الموهوبين بشكل رئيسي. وسلطت مارجريت الضوء على أهمية «جائزة سيف غباش - بانيبال» للترجمة الأدبية من اللغة العربية إلى الإنجليزية التي تجمع العشرات من المترجمين كل عام وتحفزهم على تقديم أفضل ما لديهم.
وشدد أنور مغيث، الحاصل على جائزة ابن خلدون - سنجور للترجمة، على أهمية التنسيق بين أقطاب الوسط الأدبي لتحديد جملة من المعايير لما يستحق أن يتم ترجمته من اللغة العربية إلى لغات أخرى، ولإثراء الأدب العالمي في نهاية المطاف. واستعرض محمد حسن علوان تجربته الشخصية ككاتب روائي ترجمت أعماله للإنجليزية والفرنسية، وأشار إلى الدور الذي يلعبه الناشرون في نشر الأدب المنطوي ضمن الصورة النمطية للعالم العربي، وابتعادهم عما يكسر النمطية. وأكد أنور مغيث أهمية التحرير في إخراج النص العربي النهائي، الأمر الذي يلعب دوراً كبيراً في تعزيز جودة الأعمال الأدبية قبل ترجمتها.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©