ترجل فارس الشعر، الأمير بدر بن عبدالمحسن، عن صهوة جواده، ورحل بهدوء الترحال، مثلما عزف قصيدة صوتها النغم، وألحانها تفردت عبر السنوات، قصائد تجسدت في روح التراث الغنائي، لم يسترسل الرحيل بعيداً، ولم يمهله، حتى دنا منه رويداً، ليحد من بيان الشعر، إلا أثر إرثه الأدبي أن يبقى في رحاب الذاكرة نبضاً يحاور موطن الخيال، في خضم البوح الملهم.
رحل الشاعر الأمير، وهو في بهاء الصورة الجميلة، وقيمة السيرة العطرة، ابن الشعر في شموخه الانف، ومهندس الكلمة، كما يُطلق عليه، رحيلاً مباغتاً، في زمن الترحال الموجع، في زمن غياب الشعر الغنائي الأصيل، ورحيل الكبار من الفنانين، ممن حصدوا من قصائده حصاداً وافراً وثميناً، صدحت بها حناجرهم وتغنت بها أصواتهم، من أمثال طلال مداح وعبدالكريم عبدالقادر، وصديقه الذي رثاه الفنان محمد عبده.
بزغ نجم الراحل الشاعر الأمير، في سماء الشعر، منذ صباه، منتهضاً من ضياء الشعر في وجدانه، بديهية شخصيته، فطرها الشعر، إثر بيئة ثقافية، تجلت في حضوره، وانتشى بمفردات شعرية قلما تكتب، لينسجها فسيفساء جميلة، يغزلها بالصورة المفعمة بالمشاعر، يرسمها كأنها لوحة، فريدة، مهداة الى عشاقه.
لاح أفقه في سماء الأغنية العربية الأصيلة كشاعر، ولمع متميزاً عن أقرانه الشعراء بمضمار الشعر الغنائي، وأبدع وسحر هياج الكلمة، الأجمل المنتقاة، بين بحور الشعر ومنال الحكمة، يبرق بين صحو السحر بمعناه البهيج، ولونه الذي يميزه عن سائر الألوان الشعرية.
تقلد أوسمة عدة، في مسيرته الشعرية الطويلة، ولم ينضب شعره، بقدر ما كان ينساب، ويتجدد في رؤاه، وحكايته الشعرية، يتقلد منهجاً متفرداً بالفكر، يسكب عليه الملاءة المختزلة بالتجربة، إذ عاش في كنف والده، المحب للعلم، ينهل زاده الشعري، من المكتبة الثرية، المطلة بداخله، وبما هيأ له الالتقاء بالأدباء والكتاب أصدقاء والده متأثراً بالمدارس الشعرية وعبقها، فكانت إشراقته تحط أمام أنظار رواد الأغنية المعاصرة.
بكر الراحل الأمير الشاعر، في التعلم ما بين مسقط رأسه الرياض، ودراسته في القاهرة، وبمدن أميركية، لينهل منها ينابع العلم المتعددة، يصون التجربة الإبداعية لديه، يهيئ القصيدة ليسمعها، انتقاء الصوت، ونبض العزف ولحن الخلود، لا يسمو إلا بحبر الشعر وبحوره، رحب الفكر في سماته الأدبية.
من جمالية الشعر لدى الشاعر الراحل: ليل الشتاء البارد، والمطر لا يزينه إلا حروفك، هذه من روائع الأمير بندر، رائد الشعر المحكي، فلا شيء يضاهي الصورة الشعرية لديه، معاصراً تحولات الأغنية السعودية ملهمها بكتاباته الراقية، عطاء يتميز، لا يحيد عن الكتابة، القصيدة عالمه في نسيج الحياة حتى وافته المنية.