بالرغم من تغييرات المصطلحات العُمرية للإنسان العصري في كثير من الدول الأوروبية وأميركا، واعتماد المراحل السنية للشباب لما فوق الخمسين بسبب الرعاية الصحية، وتقدم الطب، والوعي الصحي، وتطور الحياة، وسهولة الخدمات وغيرها من الأمور، إلا أنه عندنا مازال الشخص الذي جاوز الستين ولو بسنتين يعامل معاملة المتقاعد من الحياة، وعلى كل المؤسسات والهيئات والشركات معاملته معاملة المودع غداً أو بعده، ساحبة منه كل الامتيازات والتسهيلات ومنافع قبل الستين:
- البنوك لا تعترف بسنوات الخبرة الستين، ولا نظافة التعامل وصدقه والالتزام مع البنك طوال أربعين عاماً أو يزيد، ولا رصيده الحالي، ولا سمعته الطيبة، فالبنوك شعارها: لا تسهيلات بعد الستين، ولا تمويل أو قروض وأنت « شيبة» في نظرها، لذا لا تدخل بابها إلا مع كفيل أو تأخذ قرضاً باسم ولدك البار.
- بعض الصالات الرياضة ما دامك بلغت الستين لا تقبلك في عضويتها، لأنها تخاف على سلسلة ظهرك أن تنقطع وأنت تتمرن في إحدى صالاتها.
- ما تقدر على أن تدخل دائرة أو مؤسسة لتخلص معاملة إلا وتسمع الموظفين؛ الذي يناديك بعمي، وآخر بخالي، بحيث تخرج وأنت تشعر أن كل موظفي الدائرة من بذرك.
-  تروح شركات السفر لتأخذ تذكرة على حسابك إلى كندا مثلاً، ويظهر لك كم واحد ينصحونك: «بلاها كندا.. بعيد، شو لك يا ريّال روح بلاد أقرب، شو فيها بمبي، وإلا كراتشي، هذيه فَرّة عصا»! فترد على بعضهم: «يا جماعة.. تراني مب رايح أتعالج، وإلا رايح القنص، أبا أشوف الدنيا»! هذا لو شافوك وأنت مربّي الشعر، ورابط « بوني تيل» شو بيقولون؟!
-  تريد تشتري سيارة كهربائية أو هجين، فتجد ألف واحد يعترض، رغم أن معظهم ليس لهم دخل في الموضوع، المهم أنه يجرحك ردهم أكثر من اعتراضهم على السيارة الكهربائية: «والله اتحسبك بتشتريها حق أصغر عيالك! «يا بوي.. أنت « ليسن» ثقيل، عقب « دغّمة البسطة»، وإلا « دبل بو حايب قصير» وإلا ذاك «الجيب بو هندل» بترد على سواقة « الصوالين» اللي تسير  بالكهرب»!
-  المشكلة، بعد الستين بسنتين، كل شيء تجده يمشي بعكس ما تتمنى وتشتهي، حتى وسائط التواصل الاجتماعي والإعلانات على المتصفحات في هاتفك، تجدها عكس إرادتك، وحبك للحياة، كلها؛ إعلانات «غراش» عسل، طبيب شغل رومانيا أيام زمان يتحدث بطريقة إعلانية عن علاج بدون تدخل جراحي للـ «بروستاتا»، زراعة شعر في تركيا، «برانيص» للشتاء بعد ظهور نجم سهيل، و«شالات كشميري»، دهان صيني لعلاج تيبس الأطراف والمفاصل، إعلانات عن بيع بالجملة عن «تنكات» زيت زيتون عصرة أولى، مع زعتر جبلي!