دولة السلام، والحب والوئام، تحمل على عاتقها مسؤولية أن يعيش العالم بلا غضون، ولا شجون، سوى أنه يكون في الوجود كفوف أناملها تَخُطّ على سبورة الأيام فجراً، تُشرق فيه شموس أهدابها من خيوط التسامح، ومقلها أقمار لها بريق التضامن، والانتماء إلى واحة، عشبها سنابل لغة، حروفها مكتوبة من ذهب التلاقي على خير الأنام. دولة السلام تمضي في الحياة ريانة بالهوى، والهوى أسرار تاريخ، سيّرت حضارته قوافل الوفاء، وثراء الوعي بأهمية أن يكون الوجود سجادة حرير، والناس ينقشون على بساطها صورة المستقبل زاهياً، بهيّاً، مترامي الأطراف. الإمارات علمت منذ البدء، أن الإنسان بوعيه يستطيع أن يصنع غده، ومائدة حلمه من تفاصيل الخطاب المعطر بلغة لا لبس فيها، ولا شوائب، ولا أفكار تُغيّر معالم الصفاء.
وفي هذه المرحلة من التاريخ، وحيث العالم يواجه موجة عنف، تضرب الأصول، والفصول، تقف بلادنا شامخة، راسخة عند جذور اليوم الذي أشرقت فيه شمس الاتحاد، محمّلة برسالة مفادها أننا مسؤولون أمام الله، والناس، والتاريخ، بأن نكون حراس القيم النبيلة، نكون قلم الحكاية الأصيلة، وهي أن نستمر في كتابة التاريخ على أسس مبنية من مفاهيم لا شطط فيها، ولا لغط، ولا غلط، بل هي السرد الصريح، والبوح الذاهب في الوجدان مثل نسمة في ثنايا الطير، مثل موجة تُداعب ضمير الكائنات بلطف، وعناية، ورعاية، مثل حلم يتسرب بين الرموش بهجةً، وسروراً.
في اليوم الدولي للسلام تتألق بلادنا بالحل والحُلل، وتخصّب تربة العقل، بمادة الوعي المنبثق من رمال صحراء علّمت الإنسان كيف يكون للعفوية من قيم، وكيف تكون الفطرة عالمية عندما تتحرر من براثن التعلُّق بأفكار كأنها نفايات، وبقايا حفريات وكائنات نافقة. هذه هي الإمارات، في العالمين شروق، يغسل عيون العالم من الغبش، ويطهر الضمائر من دنس النفاق، والشقاق.
هذه بلادنا في روعة سندسها، وجمال إستبرقها، تمضي بقوافل الأمل، محمّلة برسائل الشوق إلى عالم تصفو عيونه من رمد الضغائن، وجبينه راية مرفوعة إلى السماء، تحملها إرادة لا تكلّ، ولا تملّ من رفرفة تجعلها دوماً بين النجوم مثالاً للصدق والإخلاص.
هذه هي الإمارات، نهلت من إرث قويم، وسارت في دروب النهضة الشاملة، تمنح العالم دروساً في التصميم، والإصرار على مواصلة التقدم، وتقديم الدروس للعالم، بقلب يفيض بياضاً، وروح كأنها جناح الطير تخفق للعلا، ونفس مطمئنة.
في هذا الوقت من التاريخ، تُسجّل الإمارات سبقاً في التألق، وتكتب على صفحات التاريخ عنوان الخلود، بمعناه الصريح، وفي الرواية التاريخية لها جملة الوصل، وفصول من تواصل مع الآخر، مفادها أننا، بشر، وهذه الأرض بيتنا، هذه الأرض حضننا هذه الأرض مثوى ومآل.
واجبنا أن نحفظ الود، ونحمي السد، ونقول جميعاً، بصوت واحد، اللهم احفظ أوطاننا من كل معتدٍ أثيم، مشّاء بنميم، وابعث لنا من رحمتك، صبراً وأعنّا على حمل الرسالة، إنها رسالة الحب، ولا شيء غير الحب، نبراس، وترس، وترف المشاعر، وبذخها وصونها، وحصنها، وسرها، وسبرها، بالحب وحده تستعيد الحضارة الإنسانية بريقها، وتفوقها، ويعيش العالم في أمن، وأمان وطمأنينة.


