الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الصين تفرض هيمنتها على التجارة الدولية

الصين تفرض هيمنتها على التجارة الدولية
30 أغسطس 2022 00:52

حسونة الطيب (أبوظبي)

بصرف النظر عن مخاوف الأمن الوطني واضطراب سلاسل التوزيع، لا تزال الدول الغربية تعتمد على المصانع الصينية، مع استمرار انتعاش الصادرات، على عكس توقعات الخبراء ببطء نمو الاقتصاد الصيني. 
وفي غضون ذلك، عضدت الصين خلال العامين الماضيين، موقعها الريادي، كأكبر مورد للسلع المصنعة في العالم. ورغم أن بعض مكاسب الصين في الأسواق العالمية، ربما يصعب استعادتها في ظل تراجع أثار الوباء، إلا أن ذلك التوجه، يعكس مدى صعوبة الاستغناء عن أكبر مركز صناعي في العالم.
تشكل عملية الاستغناء هذه، تحدياً واضحاً، في الوقت الذي تتسع فيه دائرة المصانع الصينية، لتشمل منتجات عالية الجودة مثل، الرقاقات والهواتف الذكية والتقنيات الجديدة التي تتضمن، السيارات الكهربائية والطاقة الخضراء.
تخلصت الصين، من اعتمادها على الأسواق الغربية، لتعتمد بدلاً من ذلك، على الإنفاق في أسواقها الداخلية، للنهوض باقتصادها لآفاق جديدة. وربما توفر طفرة الصادرات الصينية في الوقت الراهن، دعامة قصيرة الأجل للنمو، بينما يعمل اقتصادها بموجب نهج الحكومة، الذي يتعامل بصرامة مع وباء كوفيد-19 وفقاعة قطاع العقارات.
ارتفعت حصة الصين في صادرات السلع العالمية، من حيث القيمة خلال فترة الوباء، من 13% في 2019، لنحو 15% عند نهاية 2021، بحسب مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية الخاص برصد التجارة العالمية. 
وفي ذات الفترة، تراجعت حصة الدول المنافسة الكبيرة من الصادرات العالمية، ليجيء تحقيق الصين لمكاسبها، على حساب هذه الدول. وتراجعت حصة ألمانيا من الصادرات العالمية، لنحو 7.3%، من واقع 7.8% في 2019، بينما انخفضت حصة اليابان، 3.4% من عند 3.7% وأميركا إلى 7.9% من نسبة قدرها 8.6%، بحسب وول استريت جورنال.

صدمة كوفيد ـ 19 
وتمكنت المصانع الصينية بفضل تخلصها السريع من صدمة كوفيد ـ 19 الأولية في سنة 2019، من الحصول على فرصة تمويل الدول الغربية بسلع زاد الطلب عليها فجأة مثل، معدات طبية ذات تكلفة قليلة، شملت كمامات الوجه وأدوات الفحص، بالإضافة لسلع استهلاكية تضمنت، ملحقات الحاسب الآلي ومعدات التمارين الرياضية، التي دأب الناس على استخدامها أثناء فترات الحجر المنزلي. 

المساعدات الحكومية
كما أسهمت المساعدات الحكومية السخية في كل من أميركا وبعض الدول المتقدمة، لدعم الأسر خلال فترة جائحة كورونا، في الدفع بعجلة المزيد من الإنفاق في الدول الغربية. ونتيجة لذلك، تدفقت الطلبيات على المصانع الصينية، لترتفع حصة البلاد من الصادرات الرئيسة.
وارتفع، على سبيل المثال، نصيب الصين من صادرات المنتجات الإلكترونية، من واقع 38% في 2019، لنحو 42% في 2021، بينما زادت حصتها من المنسوجات من 32% إلى 34%.
استمر انتعاش الصادرات الصينية خلال عام 2022، متحدياً توقعات الخبراء والمحللين بالتراجع، في وقت واجه فيه الاقتصاد العالمي تصاعداً في التضخم وأسعار الفائدة وحرباً تدور رحاها في أوكرانيا. 

تكلفة السلع الاستهلاكية
وتشكل الأسعار جزءاً من توضيح المشكلة، حيث ارتفعت تكلفة السلع الاستهلاكية في ظل زيادة رقعة التضخم حول العالم، ما أسفر عن ارتفاع قيمة الصادرات الصينية بالدولار. وارتفعت قيمة الصادرات الصينية في شهر يونيو، بنسبة قدرها 22%، بالمقارنة مع السنة الماضية. كما زادت فجوة العجز التجاري لأميركا مع الصين، خلال فترة الـ 6 أشهر الأولى من العام الجاري، بنحو 21% إلى 222 مليار دولار، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وفقاً لمكتب تعداد الولايات المتحدة الأميركية.
دأبت الصين، على مدى السنوات القليلة الماضية، على زيادة حصتها السوقية في منتجات أكثر تعقيداً وقيمة مثل، سلع رأس المال والمعدات الثقيلة، والسيارات، والمحركات، وغيرها. ويفسر ذلك، سبب استحواذ الصين، على حصص دول أخرى مثل ألمانيا، التي تبرع في إنتاج وتصدير مثل هذه السلع.
وبمساعدة الحكومة، تعمل الشركات المحلية، على طرق أبواب في قطاعات جديدة، من المتوقع أن تحتل حيزاً كبيراً في التجارة العالمية خلال السنوات المقبلة.

الطاقة الشمسية
ناهزت صادرات الصين من خلايا الطاقة الشمسية، 25.9 مليار دولار، خلال النصف الأول من العام الحالي، بارتفاع قدره 113%، بالمقارنة مع السنة الماضية. كما حققت صادرات الصين الشهرية من السيارات، رقماً قياسياً جديداً في يوليو قدره 290 ألفاً، مدفوعة بمبيعات السيارات الكهربائية. 
تراجعت نسبة واردات أميركا من الصين خلال السنوات القليلة الماضية، نظراً للرسوم التي فرضتها أميركا، ما حدا ببعض الشركات الأميركية تقليل اعتمادها على الصين، عبر فتح مصانع لها في دول أخرى مثل فيتنام. 
لكن ليس من السهل على دول أخرى صغيرة خاصة في آسيا، سلك الطريق الأميركي في التخلي عن المنتجات الصينية، في ظل الهيمنة الصينية وأهميتها، سواء على صعيد البيع أو الشراء في النظام التجاري العالمي. والفائض التجاري الصيني، الذي تجاوز 100 مليار دولار في يوليو الماضي، لا يعكس قوة الصادرات فحسب، بل ضعف الواردات أيضاً، التي تؤكد قلة الإقبال المحلي عليها. وبدلاً من مساعدة المستهلك ركزت استجابة بكين للوباء على تقديم الدعم والقروض المُيسرة للشركات الصناعية، ليتعرض المستهلك بذلك للمعاناة، والاقتصاد لتحولات مفاجأة في الإقبال الخارجي بنهم على المنتجات الصينية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©