قبل بضع سنوات، بدأ «مركز أبحاث الغذاء والعمل» في تشجيع المشاهير والسياسيين وشخصيات عامة أخرى على العيش لمدة أسبوع على مقابل مادي يعادل المساعدة الغذائية التي تقدمها الحكومة. وكان الهدف هو إظهار مدى صعوبة العيش على إعانات كوبونات الطعام وحشد الدعم لتحسينها. وتعزز بعض الوعي. ففي عام 2015، تركت الممثلة جونيث بالترو التحدي بعد أن نفد منها الغذاء بعد أربعة أيام.

لكن التحدي يستمر أطول للمستفيدين الفعليين. فكثيرون من المستفيدين من «برنامج مساعدة التغذية التكميلية» لايكفيهم الغذاء، وإذا اشتروا ما يكفي من الغذاء، يعجزون عن سداد إيجار السكن أو نفقات السيارة. لذا دعنا نصفق لإدارة بايدن لحربها متعددة الجبهات ضد كارثة انعدام الأمن الغذائي والجوع. فقد أعلنت الإدارة هذا العام توسعا بنسبة 25% في إعانات برنامج مساعدة التغذية التكميلية وهي أكبر زيادة في تاريخ البرنامج، من المقرر تطبيقها في أكتوبر. ويكشف مسح للأسر أجراه مكتب الإحصاء، أنه مع صدور أول شيكات برنامج إدارة بايدن لرصيد ضرائب الأطفال، في يوليو الماضي، قل عدد الأسر التي تحدث تقارير عن مواجهتها مشكلات في شراء أو الحصول على غذاء ملائم أو مشكلات في تلبية النفقات الأساسية.

والتغيرات مجتمعة من المقرر أن تتمخض عن أمن غذائي أكبر لملايين الأسر الأميركية. وترى ريبكا فالاس، الزميل البارز في «مؤسسة القرن» البحثية التقدمية غير الهادفة للربح، أن بايدن يقطع «خطوات تاريخية نحو معالجة أزمة الفقر والجوع في الولايات المتحدة التي سبقت الجائحة».

والجائحة فاقمت بعض نواحي انعدام المساواة القائمة منذ فترة طويلة في مجتمعنا وأبرزت بعض المشكلات الناجمة عنها. وعلى سبيل المثال، حين أدت إجراءات الإغاثة من الجائحة إلى معدل ادخار متصاعد اتضح أن كثيرين من الأميركيين الأفقر لا يجدون ما يدخرونه ببساطة وليس لأنهم لا يجيدون تدبير مواردهم المالية الهزيلة أو ينسون ادخار بعض المال. وإعانات برنامج مساعدة التغذية التكميلية توضح لنا هذا. فهذه الإعانات يجري حسابها باستخدام الخطة المقتصدة للغذاء، وهي صيغة وُضعت قبل عقود حين كان هناك عدد قليل من النساء يعملن خارج المنزل. والخطة تفترض حدوث أكثر الخيارات اقتصاداً في شراء الغذاء، مثل شراء الحبوب بكميات كبيرة وليس بكميات صغيرة أكثر جاهزية، وفي إعداد الغذاء بأكثر الوسائل كلفة التي تتطلب ساعات من العمل. وترى لورين باور، الباحثة الاقتصادية في «مؤسسة بروكينجز» أن كل هذا تغير الآن.

وأشارت باور إلى أن معايير التغذية تغيرت أيضا. فالإرشادات الحديثة تؤكد على ضرورة توافر الأسماك والفواكه والخضراوات واللحوم الطازجة، وجميعها أعلى سعرا من الأغذية المعلبة أو المعالجة. وبسبب المعايير القديمة للغاية، كان متلقو إعانات برنامج مساعدة التغذية التكميلية ينفقون أكثر من 75% من إعاناتهم الشهرية في غضون أسبوعين. وعلى عكس المعتقد الخاطئ، لم تكن النقود يجري تبذيرها لشراء جراد البحر (الاستاكوزا) والصودا. وقبل عقد لاحظ مديرون من سلسلة وول مارت للبيع بالتجزئة أنه في الليلة السابقة لإيداع أموال الإعانات الشهرية في بطاقات برنامج مساعدة التغذية التكملية كان الزبائن يصلون إلى المتاجر ويملؤون عربات التسوق بمواد البقالة وينتظرون حتى انتصاف الليل حتى يتمكنوا من الدفع.

وفي عام 2010، في أعقاب الأزمة المالية، ذكر بيل سايمون، الرئيس التنفيذي لوول مارت في عام 2010 أن «السبب الوحيد الذي يجعل الشخص يخرج في منتصف الليل لشراء المكملات الغذائية للأطفال هو أنهم يحتاجونها وكانوا ينتظرونها». وأثناء سنوات ترامب، طلب الكونجرس، عبر تصويت من الحزبين، تحديث «الخطة المقتصدة للغذاء». وأنفق ترامب جانبا كبيرا من رئاسته محاولاً تقليص برنامج مساعدة الغذاء التكميلية واقترح تقليصا للميزانية واقتراح تشديد اشتراطات العمل على مستقبلي الإعانات. لكن التغيرات التي أحدثها بايدن مختلفة تماما. وبدءا بخريف هذا العام الذي من المقرر فيه أن تنتهي بعض برامج المساعدة الخاصة بالجائحة، سيحصل كل متلق لإعانات الغذاء على 36 دولارا إضافيا في الشهر.

ويرتفع بذلك متوسط الإعانات التي يحصل عليها الشخص من 121 دولارا إلى 157 دولارا، أي بزيادة 144 دولارا في الشهر لأسرة مكونة من أربعة أفراد، وهي زيادة ليست سيئة. ورصيد الضرائب للأطفال يساعد أيضا في تحقيق استقرار في ماليات أسر كثيرة. ويحصل على الأرصدة أكثر من 90% من الأسر الأميركية التي لديها أطفال في السابعة عشرة من عمرهم أو أصغر. وأشار مسح مكتب الإحصاء إلى تقلص الجوع وسط الأسر التي لديها أطفال، لكنه لم يرصد مثل هذا التغير في الأسر التي بلا أطفال.

وتقريبا النصف من الأسر التي لديها أطفال أبلغوا القائمين بالمسح أنهم أنفقوا على الأقل بعض المال على الغذاء. ومن المقرر أن ينتهي رصيد الأطفال من الضرائب في ديسمبر، وتشير استطلاعات الرأي إلى أن أغلبية من الأميركيين تعارض تمديده. لكن المعارضين لا يرون الصورة الأكبر. فالإنفاق الآن في سبيل صحة أفصل للأسر، سيدعم إمكانيات أطفال هذه الأسر الذين قد يكبرون ليكسبوا أموالا أكثر، وربما أيضا يقل طلبهم على نظام الرعاية الصحية وبالتالي كلفة أقل. وهذا أفضل لنا جميعا.

*كاتبة أميركية وعضو المجلس الاستشاري في «مشروع رصد الصعوبات الاقتصادية» لمكافحة الفقر وانعدام الأمن الاقتصادي.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»