استعرضنا قبل بضعة أيام، أنواع أقنعة أو كمامات الوجه المخصصة للوقاية من انتقال الأمراض التنفسية المعدية، والتي تقسم إلى نوعين رئيسيين؛ الأول هو الكمامات المعروفة للعامة، ويندرج تحت هذا النوع الكمامات المصنوعة من القماش، بالإضافة إلى الكمامات شائعة الاستخدام من قبل أفراد الطاقم الطبي (في الظروف الاعتيادية)، وهي واسعة الانتشار منذ بداية وباء كورونا الحالي.

هذه الأقنعة تعيبها الفعالية المحدودة لحد كبير، فعلى سبيل المثال تحجز هذه الأقنعة القماشية 25% فقط من الجزيئات، سواء أكانت رذاذاً أم قطرات، بمعنى أنها تسمح بتسرب 75% من هذه الجزيئات.

وأمام تواتر التقارير عن قدرة المتحور أوميكرون على الانتشار والعدوى بشكل هائل، بسبب قدرته على التكاثر بمعدل 70 ضعفاً، مقارنة بالمتحور دلتا، مما نتج عنه تضاعف في عدد الإصابات كل بضعة أيام، أوصى مركز التحكم في الأمراض بالولايات المتحدة نهاية الأسبوع الماضي، بضرورة ترقية أنواع الكمامات المستخدمة، لوقف انتشار هذا المتحور. هذه الترقية يمكن أن تتحقق من خلال النوع الثاني من الكمامات، أو ما يطلق عليها المتنفسات أو المرشحات (Respirators)، وهي أغلى ثمناً وأعلى كفاءة في تحقيق هدف الوقاية من العدوى بالأمراض التنفسية.

وأهم ما يميز هذا النوع من الأقنعة، حقيقة كونها تُصنع من نسيج من ألياف البوليمرات الاصطناعية (Synthetic Polymers)، وبالتحديد من ألياف «البولي برو بيلين» غير المجدولة أو غير المفتولة، ومن خلال تقنية التذويب ثم النفخ، لتشكيل طبقة الترشيح الداخلية التي يمكنها منع الجزيئات الخطرة، وذلك من خلال تأديتها لوظيفتين معاً؛ الحجز أو المنع الفيزيائي، بالإضافة إلى الخواص الكهروستاتيكية.

ويمكن تمييز هذا النوع من الكمامات بأنه يتطابق مع المواصفات القياسية المعروفة بـ(N95) أو (KN95)، والتي توفر أعلى درجة من الحماية. وعلى عكس الشهور الأولى من الوباء، أصبحت هذه الأقنعة متوفرة بشكل كبير، وفي ظل قدرتها على حجز ومنع 95% من الجزيئات الضارة، أصبح الخبراء يوصون بضرورة الاعتماد عليها قدر الإمكان. وإن كان يجب الحذر هنا، من أن بعض ضعاف النفوس والمجرمين، أصبحوا يسوقوا لأقنعة منخفضة الكفاءة والفعالية على أنها مرشحات (N95) و(KN95)، ولذا يجب الحصول على تلك الكمامات المطابقة للمواصفات القياسية من مصدر موثوق لتجنب الغش والخديعة.

وبوجه عام، وبغض النظر عن نوع القناع أو الكمامة، يجب أن تحتوي على سلك فوق الأنف يسمح بتشكيلها بإحكام حول الأنف، وأن يتم ارتداؤها بوجه عام بشكل محكم فوق الأنف والوجه والفم والذقن.. مع ضرورة الاستمرار في اتباع باقي التدابير والإجراءات، مثل التباعد الجسدي، وغسل اليدين المتكرر، والاعتماد على التهوية الطبيعية قدر الإمكان، وتلقي جرعات التطعيم كاملة تبعاً لتوصيات الجهات الصحية المحلية.

*كاتب متخصص في القضايا الصحية والعلمية