اختتمت نهاية الأسبوع الماضي في العاصمة النرويجية أوسلو، فعاليات القمة العالمية الثانية لأصحاب الهمم (Global Disability Summit 2022)، تحت رعاية التحالف الدولي للمعاقين، وحكومة غانا، والحكومة النرويجية.

وهدفت هذه القمة إلى تفعيل الإجراءات الكفيلة بتطبيق مبادئ اتفاقية الأمم المتحدة الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وخصوصاً المبدأ الذي ينص على ألا يتم إهمال وتجاهل أي معاق أينما كان، من خلال بناء مجتمعات أفضل تقبلاً وشمولاً للمعاقين، وخصوصاً في ظل الجائحة الحالية.

هذه الاتفاقية التي صادقت عليها حتى الآن أكثر من 182 دولة، ألزمت جميع الدول بسن القوانين والتشريعات، الكفيلة بتمكين أصحاب الإعاقات من المشاركة المجتمعية، ومنحهم الحقوق نفسها التي يتمتع بها الأصحاء، في مجالات التعليم والعمل والنشاط الثقافي، وملكية العقارات ووراثتها، وعدم منعهم أو التمييز ضدهم عند الزواج، أو إخضاعهم لأبحاث ودراسات طبية دون موافقتهم.

وفي ظل فترة أقل من ثماني سنوات باقية، على تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر، سعى المشاركون في القمة إلى حث وتشجيع زعماء الدول وواضعي السياسات ومتخذي القرارات، على تفعيل الإجراءات والتشريعات الكفيلة بضمان تحقيق العدل والمساواة لذوي الإعاقة، ودمجهم في مجتمعاتهم كأفراد ذوي حقوق متساوية، قادرين على المشاركة المجتمعية، بجميع جوانبها، الإنتاجية والثقافية والسياسية، ضمن إطار شامل لحقوق الإنسان.

ويأتي انعقاد قمة أوسلو هذه، في وقت تشير فيه الإحصائيات والبيانات الدولية إلى أن مليار شخص، أي واحد من كل سبعة أشخاص تقريباً، يعاني شكلاً أو آخر من أشكال الإعاقة، منهم 190 مليوناً فوق سن الخامسة عشر، يعانون من إعاقات شديدة، تتطلب رعاية صحية متخصصة.

هذه الأرقام مرشحة للازدياد مستقبلاً، كنتيجة التغيرات الديموغرافية المرتقبة، وبسبب ازدياد معدلات انتشار الأمراض المزمنة غير المعدية، وغيرها من الأسباب. وبوجه عام، يندر من لا يتعرض منا لإعاقة دائمة أو مؤقتة، خلال مرحلة ما من حياته.

ويشير مصطلح الإعاقة إلى القصور والعجز اللذين يواجههما الشخص نتيجة حالة صحية معينة، مثل الشلل المخي في الأطفال، أو «متلازمة داون» المعروفة سابقاً بالعته المنغولي، أو تراجع قدرة وكفاءة الحواس كما في حالات العمى والصمم، وأحياناً نتيجة اضطرابات نفسية كالاكتئاب والفصام.

وكثيراً ما تكون الإعاقة نتيجة أسباب شخصية أو ظروف محيطة، مثل النظرة السلبية من الآخرين والمجتمع ككل، أو عدم توفر وسائل النقل المناسبة للمعاقين، أو قصور الدعم الاجتماعي عن تلبية الاحتياجات الخاصة للمعاق.

فكثيراً مثلاً ما يحصل أصحاب الإعاقات على خدمات أقل من المستوى المطلوب، عند احتياجهم للرعاية الصحية، أو يوصمون بسمات سلبية ويتعرضون للتحامل والإجحاف، مما يجعل من الضروري والمهم، زيادة التدابير والإجراءات الكفيلة بتمكين هذه الفئة من أفراد المجتمع، خصوصاً على صعيد توافر وشمولية خدمات الرعاية الصحية الأساسية.

*كاتب متخصص في الشؤون العلمية.