تحسنت فرص العمل بالنسبة للأميركيين السود، مقارنة بما كانت عليه في عام 2020. هذا خبر جيد. أما الخبر السيئ فهو أن المكاسب التي تحققت خلال العامين الماضيين، منذ مقتل جورج فلويد وتصاعد الجدل حول العرق، تبدو مكاسب هشة كما هو الحال دائماً. والواقع أن التضخم أصبح يهدد بقلب التقدم في سوق العمل رأساً على عقب، حيث يستجيب صناع السياسة لرد الفعل العكسي ضد ارتفاع الأسعار.

وفي حين أن الانتفاضات التي اجتذبت الآلاف إلى الشوارع في عام 2020 ساعدت في تسليط الضوء على الظروف السيئة للعمال السود، يشير معظم الخبراء، بدلاً من ذلك، إلى المساعدات الحكومية وسوق العمل الضيق في الولايات المتحدة خلال فترة الوباء على أنهما يقودان التقدمَ الجماعيَّ للعمال السود وللمجموعات الأخرى.ويُظهر أحد المقاييس الرئيسية التي تَتَبَّعها الاقتصاديون أن توظيف الأميركيين السود في «سن العمل الأساسي» (25 إلى 54) قفز إلى 77.4 بالمئة في أبريل الماضي، وهو أعلى معدل خلال 22 عاماً الماضية.

وفي حين أن هذا لا يزال أقل بكثير من المقياس المكافئ للأميركيين البيض، فقد أدى الارتفاع الطفيف إلى تقليص الفجوة بين الرقمين إلى أضيق مستوى لها منذ عام 1994. إنها علامة على أن سوق العمل الأكثرَ سخونةً منذ أجيال يجعل «تمييز الشركات ضد المتقدمين للوظائف من الأميركيين من أصل أفريقي أكثر تكلفةً»، وذلك وفقاً لما ذكره ألجيرنون أوستن، مدير شؤون العرق والعدالة الاقتصادية في مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة في واشنطن.

كما عاد معدل البطالة بين السود إلى مستويات ما قبل الوباء. بعد ركود 2008-2009، استغرق الأمر تسع سنوات من أجل عودة البطالة بين السود إلى المستويات التي كانت سائدة قبل الانكماش الاقتصادي. وهذه المرة، استغرق الأمر عامين فقط. لقد بلغ هذا المعدل 5.9% في أبريل، أي أقل من نسبة الـ6% المسجلة للمجموعة في فبراير 2020 قبل إغلاق الشركات في جميع أنحاء الولايات المتحدة بسبب «كوفيد-19».

ومع ذلك، فإن الفجوة الاقتصادية بين السود والبيض لا تزال قائمة. وبالنسبة للكثيرين، فإن الأمل المستوحى من حركة «حياة السود تهم» قد تلاشى بسبب عمليات القتل العنصرية الأخرى، بما في ذلك إطلاق النار الجماعي هذا الشهر في بافالو. ومن ناحية أخرى، انخفض معدل البطالة بالنسبة للنساء السود، وهن من بين العمال الأكثر تضرراً في الأشهر الأولى من الوباء، انخفض من 16.6% إلى 5% في مايو 2020، لكنه لا يزال أعلى بكثير من معدل 2.8% المسجل بين النساء البيض.

تقول جويل جامبل، كبيرة الاقتصاديين في وزارة العمل الأميركية: «بشكل عام، نحن نرى بصراحة أن الكثير من العمال السود قادرون على الاستفادة من ضيق سوق العمل وطلب صاحب العمل القوي للحصول على وظائف كان من الممكن أن تستغرق وقتاً أطولَ بكثير للحصول عليها في فترات الانكماش السابقة الأخرى. ويتعلق جزء من الاختلاف هذه المرة برد فعل الحكومة الأميركية والاحتياطي الفيدرالي.

وبدلاً من اختيار تعافي طويل وممتد، مع كل عواقبه غير المتناسبة على الأميركيين السود، كما كان الحال في ركود 2008-2009، تدخّل المشرعون أثناء تفشي مرض «كوفيد-19» وأقروا دعماً مالياً هائلاً للأسر الأميركية، مما أدى إلى تحويل تريليونات الدولارات لهم عبر شيكات التحفيز وبرامج التأمين ضد البطالة الموسعة بشكل كبير. وقد أدى ذلك إلى ضمان الإنفاق الاستهلاكي المستمر في الاقتصاد، والذي قدَّم بدوره أساساً لإعادة توظيف أولئك الذين طردوا حديثاً من العمل. وتقول جامبل: «في هذا التعافي، من غير المرجح أن نرى آثاراً لبطالة العمال لفترات طويلة من الزمن».

وربما تكون العمالة السوداء قد تلقت كذلك دفعةً هذه المرة بسبب التأثير غير المعتاد للوباء على التوظيف على مستوى الصناعة، وفقاً لإيفجينيا دوزاك، الخبيرة الاقتصادية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو. وقد وجدت دوزاك، في تحليل نُشر على موقع البنك على الإنترنت في 16 مايو، أن بطالة السود لم ترتفع على أساس نسبي أثناء الوباء بقدر ما كان متوقعاً.

وهذا «يرجع جزئياً إلى أن أكثر من 25% من الرجال السود يعملون في مهن الإنتاج والنقل ونقل المواد، وهذه المهن كانت أفضل حالا من قطاع الخدمات». إلا أن هذا التقدم مهدد الآن بالتراجع في إطار جهد شامل لترويض التضخم. فصانعو السياسة الاقتصادية في البيت الأبيض وفي مجلس الاحتياطي الفيدرالي يقومون بتحويل أولوياتهم من إعادة بناء القوى العاملة إلى الحد من ضغوط الأسعار من خلال تدابير التقشف، والتي تهدد بإبطاء أو حتى عكس التقدم الأخير المسجل في سوق العمل.

تجنب «الجمهوريون» و«الديمقراطيون» معاً، بمن فيهم السناتور جو مانشين، خطةَ «إعادة البناء بشكل أفضل» للرئيس جو بايدن، وهي حزمة واسعة النطاق تضمنت العديد من مبادرات خلق الوظائف، وكان من الممكن أن تضيف المزيد في الإنفاق العام، مشيرةً إلى الحاجة إلى التخفيف من حدة التضخم. وبالنسبة للمراقبين، مثل ويليام سبريجز أستاذ الاقتصاد بجامعة هوارد وكبير الاقتصاديين في الاتحاد الأميركي للعمل وكونجرس المنظمات الصناعية، فإن ذلك يشكل خطراً وجودياً على مجهود بناء اقتصاد أكثر شمولا، الأمر الذي قد تم التأكيد على الحاجة إليه بشكل كبير من خلال أحداث العامين الماضيين.

ماثيو بويسلر -محرر اقتصادي لدى «بلومبيرج»

كاتارينا سارايفا -صحفية لدى «بلومبيرج» تغطي سوق العمل

جونيل مارتي -صحفية لدى «بلومبيرج» تغطي مجلس الاحتياطي الفيدرالي

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»