سلمت تشيلي سياسة الليثيوم التي طال انتظارها في وقت متأخر من يوم الخميس (20 أبريل)، مما أعطى الدولة حصة أغلبية في جميع العقود الجديدة ودفع بأسهم المُنتَجيْن الحاليين في البلد الواقع في أميركا الجنوبية – (إس.كيو.إم وألبمارلي) - إلى الهبوط. صحيح أن الحكومة ستحترم القواعد القائمة حالياً مع الشركتين، لكنْ كلتاهما سينتقل إلى النموذج الذي تسيطر عليه الدولة بمجرد انتهاء العقود في 2030 بالنسبة لشركة إس.كيو.إم وعام 2043 بالنسبة لشركة «ألبمارلي». أو يمكنها اختيار التنازل عن حصة الأغلبية في عملياتها قبل ذلك الحين. وتراجعت أسهم إس.كيو.إم 20 بالمئة بعد ظهر الخميس الماضي في نيويورك، بينما خسرت «ألبمارلي» 10 بالمئة. وتسعى إدارة الرئيس جابرييل بوريك ذات الميول اليسارية إلى اضطلاع الدولة بدور أكبر في معدن مهم في سبيل الانتقال إلى الطاقة النظيفة. وتشيلي تحتل المرتبة الثانية حالياً كمورد لمعادن البطاريات.

ويمثل الإطار الجديد محاولة لجذب المزيد من رأس المال الخاص، والدفاع عن البيئة، والمضي قدماً في سلسلة القيمة، وكل ذلك في نفس الوقت. إنه مطلب كبير وتوازن مهم للاقتصاد التشيلي وسوق الليثيوم العالمية والتخلي عن الوقود الأحفوري. وتمتلك تشيلي أكبر احتياطيات الليثوم، المكون الرئيسي في بطاريات السيارات الكهربائية.

وقال الرئيس التشيلي بوريك الجمعة: «الليثيوم يقدم لنا فرصة هائلة لا يمكننا تفويتها وعلينا أن نفعل ذلك بشكل مختلف عما فعلناه من قبل. صناعة الليثيوم يجب أن تكون في خدمة الناس. لهذا، من الضروري أن تكون الدولة موجودة طوال دورة إنتاج الليثيوم». وبموجب النموذج التشيلي الحالي، تقوم الشركات بتوقيع العقود وتُخصص لها حصصٌ، بدلاً من امتلاك امتيازات إلى أجل غير مسمى. والريع هو الأعلى على مستوى العالم بمعدل هامشي يبلغ 40 بالمئة.

وكانت تشيلي تفقد حصتها في السوق لصالح البلدان ذات القواعد الأكثر ملاءمة للمستثمرين مثل الأرجنتين. وفي النموذج الجديد، ستكون كوديلكو عملاق النحاس هي ممثل الدولة في الليثيوم، ولها أن تضم شركاء في مشروعات مشتركة جديدة. وستتولى شركة حكومية منوطة بهذا الدور في وقت لاحق. وعلى هذا النحو، ستكون «كوديلكو» مسؤولة عن أي مفاوضات مع إي.كيو.إم وألبمارلي بشأن حصة الدولة في عمليات التاكاما لاستخراج الملح. ولم تتم مناقشة دور الدولة في الاستثمارات أو تقاسم المخاطر في الشراكات الجديدة بين القطاعين العام والخاص.

وكتب «جويل جاكسون»، من شركة «بي.إم.أو كابيتال ماركتس»، في مذكرة للعملاء يقول إن «العناوين المخيفة» قد تضغط على أسهم الشركتين، لكنها محمية بموجب العقود الحالية، وأي محادثات مبكرة ستكون طوعية على الأرجح. وقال سيزار بيريز نوفوا، المحلل في بي.تي.جي. باكتوال، إن وجود الدولة كشريك قد يكون مفيداً لشركات الاستكشاف الصغيرة، لكنه قد يقلص الحوافز للاعبين الأرسخ قدماً من خلال تحويلهم إلى وضع الأقلية.

ويرى كريس بيري، رئيس شركة هاوس ماونتين بارتنرز، للاستشارات الصناعية، أنه «من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت الدولة التشيلية قد تخطت حدودها هنا، لكن هناك احتمال انتقال رأس المال الأجنبي إلى مناطق سلطان قضائي أخرى». وتعتزم الحكومة أيضاً إنشاء معهد لليثيوم وتشجيع الاستثمارات للاستفادات أكثر من ازدهار المركبات الكهربائية بدلاً من مجرد إرسال المواد نصف المصنعة إلى المصانع الصينية والكورية. وفي الأيام القليلة الماضية، مُنحت شركة بي.واي.دي الصينية إمكانية الحصول على أسعار تفضيلية لصنع كربونات الليثيوم المستخدم في إنتاج البطاريات في مصنع يبدأ بحلول نهاية عام 2025. وكشريك للتجارة الحرة مع الولايات المتحدة، ستستفيد تشيلي من برنامج التحفيز للطاقة الخضراء الذي يتبناه الرئيس جو بايدن.

لكن الصين هي الشريك التجاري الأول لتشيلي استناداً إلى صادرات المواد الخام. ومع إنتاج الليثيوم التشيلي حالياً في أكثر صحراوات العالم جفافاً، قالت الحكومة إنها تعتزم مطالبة جميع المشروعات الجديدة باتباع تقنية إنتاج لا تُستخدم تجارياً تقريباً في محاولة لتقليص فقد المياه. وسيؤدي التحول من طريقة التبخر الشمسي الحالية إلى الاستخراج المباشر لليثيوم إلى تسريع الإنتاج وتجنب تبخير مليارات اللترات من المياه المالحة.

لكن تقنية الاستخراج المباشر لليثيوم لم يتم اختبارها نسبياً على نطاق واسع وقد تعني في البداية إنتاجاً وأرباحاً أقل. ويرى بيري- من شركة هاوس ماونتين بارتنرز- أن «هذه التكنولوجيا ليست شائعة تجارياً، وهنا يكمن الخطر. فماذا يحدث إذا لم تقدم التكنولوجيا أفضل النتائج المرجوّة؟».

*صحفي متخصص في السلع الأولية .

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»