«اليوم للغد» هو شعار عام الاستدامة الذي أعلنه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، ليكون عام 2023 مناسبةً لإبراز جهود الدولة في مجال الاستدامة منذ تأسيسها على يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث انطلقت مسيرة التنمية المستدامة فيها منذ ذلك الوقت. والاستدامة، كما جاءت في تعريف لجنة برينتلاند التابعة لمنظمة الأمم المتحدة عام 1987، هي «تلبية حاجات الحاضر دون المساس بقدرات الأجيال المستقبلية على تلبية حاجاتها الخاصة».

ويعكس شعار عام الاستدامة الذي أعلنته دولة الإمارات جميعَ مقاصد التعريف الأممي، والذي يتوافق أيضاً مع رؤية الدولة لتحقيق بيئة مستدامة من حيث جودة الهواء، واستغلال الموارد الطبيعية الاستغلال الأمثل، وزيادة الاعتماد على الطاقة النظيفة، وتطبيق التنمية الخضراء. لذلك تقوم الدولة بجهود ضخمة من أجل تعزيز العمل الجماعي الدولي لمعالجة تحديات الاستدامة والبحث عن حلول مبتكرة يستفيد منها الجميع على الساحة الدولية، وخاصة في مجالات الطاقة والتغير المناخي وغيرها.

ويهدف عام الاستدامة أيضاً إلى عرض تراث الدولة الزاخر بالمشاريع الناجحة في مجال الممارسات المستدامة، منذ عهد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه. أضف إلى ذلك العملَ على نشر الوعي حول قضايا الاستدامة البيئية وتشجيع المشاركة المجتمعية في تحقيق استدامة التنمية ودعم الاستراتيجيات الوطنية في هذا المجال نحو بناء مستقبلٍ أكثر رخاءً وازدهاراً.

ولعل أبرز الأمثلة الوطنية على نجاح الدولة في مجالات الاستدامة هو برنامج الطاقة النووية الذي يُعتبر دَفعة بالغة الأهمية لتحقيق النمو المستدام. فالبرنامج النووي السلمي لدولة الإمارات سوف يعمل على توفير طاقة كهربائية صديقة للبيئة لتشغيل الصناعات الجديدة وتحقيق أمن الطاقة، ولدعم النمو الاقتصادي المباشر عن طريق إنشاء صناعة حديثة ذات تقنيات عالية، إضافة إلى تطوير قدرات وكفاءات الكوادر الإماراتية الموهوبة لضمان توافر قوة عاملة وطنية عالية المهارة تستطيع قيادة هذه الصناعة لتلبية احتياجات أجيال المستقبل.

وفي الإطار المحلي، تُعدُّ رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 برهاناً آخر على ترجمة البرامج الوطنية في مجال الاستدامة، إذ توفر استراتيجيةً للنمو المستدام تركز على التطوير في خمسة مجالات ذات أولوية تشمل: الاقتصاد والموارد الاجتماعية والموارد البشرية والبنية التحتية والبيئة.

وقد أثمرت الجهود المستمرة والمتنامية التي تبذلها في مجال الاستدامة عن اعتراف أممي بنجاحها وفاعليتها، وهو ما تَمثَّل في اختيار الإمارات لاستضافة مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ (كوب 28) في الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر 2023.

ويهدف المؤتمر إلى توحيد الجهود العالمية في مجال العمل المناخي وتحديد فرص التعاون المتاحة لإيجاد الحلول للتحديات المناخية. كما سيشهد المؤتمر إجراء أول تقييم عالمي للجهود المستمرة على مدار عامين لتحديد مدى التقدم الذي أحرزته الحكوماتُ المعنيةُ في تنفيذ خطط العمل المناخي لمواجهة الاحتباس الحراري والقضايا البيئية الأخرى ذات الأولوية القصوى لضمان مستقبل مستدام للبشرية.

والمحصلة النهائية لكافة تلك الجهود الوطنية هي تعزيز مكانة الإمارات على خريطة الدول الرائدة عالمياً في قيادة برامج الحلول المستدامة لضمان مستقبل آمن ومستقر للأجيال القادمة.

باحث إماراتي