يُعتبر الاستثمار من أبرز محركات التنمية في الدول المتقدمة وذلك لما يعود به من فوائد جمة على الاقتصاد الوطني. فالاستثمار الأجنبي له فوائد مباشرة عند تحقيقها بنجاح يتم أيضاً تحقيق العديد من الفوائد غير المباشرة.

وتتضمن الفوائد المباشرة تقويةَ أسس النمو الاقتصادي للدولة، والمساهمة في تسهيل حركة التجارة العالمية بجانب خلق المزيد من فرص العمل وتطوير رأس المال البشري. أما الفوائد غير المباشرة، والتي تتحقق نتيجةً لنجاح الدولة في تحقيق الفوائد المباشرة، فهي عديدة وهامة أيضاً من الناحية الاستراتيجية. وتستند تلك الفوائد على تشجيع الأمم المتحدة على استخدام الاستثمار الأجنبي المباشر في جميع أنحاء العالَم للمساعدة في مكافحة تغير المناخ. ومن أبرز الفوائد غير المباشرة، خلق الوظائف في قطاعات مهمة، مثل قطاع التصنيع والخدمات، مما يؤدي إلى خفض معدلات البطالة وتحقيق دخول أعلى وبالتالي تعزيز الاقتصاد الكلي للدولة.

أضف إلى ذلك أن نجاح خطط الاستثمار الأجنبي المباشر يساهم في تطوير معرفة وكفاءة ومهارات القوى العاملة الوطنية، وذلك من خلال التدريب المكثف التخصصي والمستمر وتنامي مجالات الخبرة الشخصية. ثم تأتي الفائدة التكنولوجية لنجاح الاستثمار الأجنبي المباشر، إذ تستفيد قطاعات الاقتصاد الوطني والشركات من أحدث تطبيقات ووسائل التقنية المتقدمة، الأمر الذي يؤدي إلى تبني تقنيات جديدة ومتطورة في آليات الإنتاج وبالتالي تعزيز كفاءة وفعالية الصناعة الوطنية.

ومن الفوائد غير المباشرة أيضاً للاستثمار الأجنبي، زيادة معدلات التصدير، وذلك نتيجة لفتح أسواق عالمية للسلع التي يتم تصنيعها تحت مظلة الاستثمار، ما يؤدي بصورة تلقائية إلى زيادة تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر وما يصاحبه من تدفق مستمر للنقد الأجنبي، مما يساعد الدولةَ في الحفاظ على احتياطي قوي من العملات الأجنبية وبالتالي استقرار أسعار الصرف. كما يساهم الاستثمار الأجنبي المباشر في خلق بيئة تنافسية محلية، فضلاً عن كسر الاحتكارات المحلية، وهذا يؤدي إلى دفع الشركات نحو تطوير عروض منتجاتها باستمرار، وتعزيز الابتكار، وحصول المستهلك على إمكانية الوصول إلى مجموعة واسعة من المنتجات ذات الأسعار التنافسية.

ونتيجة لكافة تلك الفوائد ذات البٌعد الاستراتيجي، نستطيع فهم قرار حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة الأخير القاضي بإنشاء وزارة للاستثمار ضمن الهيكل الحكومي الاتحادي، إذ تهدف الوزارة الجديدة إلى تطوير الرؤية الاستثمارية في الإمارات، وتحفيز البيئة الاستثمارية داخلياً، وتعزيز تنافسية الإجراءات والتشريعات بشكل مستمر، لضمان الحفاظ على مكانة الدولة وتعزيزها كوجهة عالمية للاستثمار وكفاعل رئيسي في حركة الاستثمارات العالمية.

فدولة الإمارات، وبناء على نتائج تقرير الاستثمار العالمي لعام 2023 الذي تطلقه منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)، استقطبت استثماراتٍ أجنبيةً مباشرةً بقيمة 84 مليار درهم (23 مليار دولار أميركي) في عام 2022، بزيادة تبلغ 10% مقارنة بعام 2021، ما يجعلها في المرتبة الـ16 في التصنيف العالمي لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، وذلك نتيجة نجاح جهود الدولة في تطوير البيئة الاستثمارية، عبر فتح قطاعات جديدة في مجالات تشمل التكنولوجيا المالية، والتقنيات الزراعية المتطورة، والرعاية الصحية، والتجارة الإلكترونية، والتصنيع المتقدم. والمحصلة النهائية لكافة تلك الجهود هي التنمية المستمرة وعمادها الاقتصاد القوي القائم على الموارد البشرية الوطنية ذات الخبرة والكفاءة والمهارات القوية.

*باحث إماراتي