حين عاد لويس إيناسيو لولا دا سيلفا إلى القصر الرئاسي البرازيلي في يناير الماضي، كان واضح الثقة. وخلال فترة رئاسته السابقة، بين عامي 2007 و2010، انخفض معدل انحسار غابات الأمازون البرازيلية إلى مستويات قياسية.

والآن في منصبه مرة أخرى بعد أربع سنوات من الدمار المتزايد في عهد الرئيس جايير بولسونارو، وعد بجمع فريق يريد به تقليص الأضرار سريعاً ووقف إزالة الغابات في أهم غابة مطيرة في العالم في نهاية المطاف. وبعد الأشهر الستة الأولى من عمل «لولا»، ظهرت بعض علامات النجاح المبكر. وطردت الحكومة الآلاف من عمال مناجم الذهب غير القانونيين من أراضي السكان الأصليين. وفي الأمازون، انخفض معدل إزالة الغابات بمقدار الثلث.

لكن خلال هذه الفترة، اضطرت إدارته أيضاً إلى التعامل مع التحديات الهائلة السياسية واللوجستية والمالية التي يجب التغلب عليها إذا أرادت البلاد النجاح في وقف انحسار غطاء الغابات بحلول الموعد المستهدف عام 2030. وعانى جدول أعمال «لولا» البيئي بالفعل من سلسلة من الضربات في البرلمان الذي يتزعمه «المحافظون». وتراجع خصومه الذين يعتبر الكثير منهم غابة الأمازون مورداً للاستفادة وليس كنزاً للمحافظة عليه، عن المحاولات المبكرة لمنح مزيد من السلطة للمسؤولين البيئيين ومن السكان الأصليين وسعوا لتقييد مطالبات السكان الأصليين بالأرض. ويتراجع انحسار الغطاء النباتي في الأمازون، لكنه يتزايد في منطقة السافانا المجاورة المسماة سيرادو.

وقد استنزفت حكومة «لولا» نفسها في الجدل الداخلي حول مدى جرأة الحكومة في حماية البيئة. وسيتقرر جزئياً مدى نجاح لولا في إنهاء إزالة الغابات غير القانونية حول مدى موازنة المصالح السياسية والاقتصادية المتنافسة في بلد به موارد طبيعية هائلة، لكن سيقرره أيضاً عدم المساواة العميقة والفقر. ويرى أن بوسعه تحقيق اقتصاد مزدهر للأمازون وبيئة مزدهرة معاً.

وقال الرئيس البرازيلي لصحيفة «واشنطن بوست» في مقابلة حصرية إن «الاهتمام بغابات الأمازون يعني رعاية الأشخاص الذين يعيشون هناك، حتى يتمكنوا من تحقيق التنمية بطريقة مستدامة، مع وجود نماذج اقتصادية تستغل الغابة دون الإضرار بها».

وأنشأ «لولا» وزارة تركز على شؤون السكان الأصليين وتحرك لمنحها سلطة حماية أراضي السكان الأصليين. لكنه أوضح أيضاً أن منطقة الأمازون يقطنها 30 مليون شخص، وهم هناك ليبقوا. لكنه يرى أن المنطقة لا يمكن أن تكون «ملاذاً بيئياً» وكفى. لكن الباحثين يشكون في قدرة «لولا» على تحقيق التوازن. فلأكثر من 30 عاماً، منذ أن وضع دستور عام 1988 حماية البيئة على رأس مسؤوليات الحكومة، حاولت البرازيل، بشكل عام، أن تفعل هذا بعينه. لكن في الغابات النائية التي لا تزال غير خاضعة للرقابة إلى حد كبير، نادراً ما تنجح.

ودائماً جاءت مراحل التقدم الاقتصادي الأساسية، مثل الطرق السريعة والتجمعات السكانية والسدود، على حساب البيئة. ويرى «فيليب فيرنسايد»، الباحث في المعهد الوطني لأبحاث أمازون في البرازيل أن الأمر يتوقف «بشكل كبير على ما يعنيه المرء بكلمة تطوير. ففي كثير من الأحيان، يتم استخدام هذا التطوير لتحويل الغابات إلى مزارع فول الصويا ومراع». وستخضع جهود «لولا» لاختبار من خلال سلسلة من مشروعات البنية التحتية التي تقودها الحكومة، والتي يمكن أن تعيد تشكيل حوض الأمازون.

وأشار البعض في إدارته إلى دعمه لمشروع سكك حديدية واسع النطاق. ويقول المؤيدون إن ذلك سيعزز الصناعة الزراعية، لكنه سيؤدي إلى إزالة غابات بمساحة تبلغ نحو 800 ميل مربع، وقد يدعو ذلك إلى مزيد من الصيد الجائر وقطع الأشجار الجائر في أراضي السكان الأصليين.

وقال «لولا» إنه لن يعارض تعبيد طريق مثير للجدل يعرف باسم (بي.آر-319)، وهو طريق سريع يبلغ طوله 540 ميلاً ويشق غابات الأمازون من ماناوس إلى بورتو فيلهو. وسيسرع المشروع النقل بين المدن، لكن العلماء يحذرون من أنه سيفتح قلب الأمازون المحمي إلى حد كبير أمام الدمار.

ويرى فيرنسايد أنه «لا يمكنه تسليم كل هذه القضايا إلى وزارة البيئة ثم يمضي قدماً في هذه المشروعات وتحقيق تقدم دون التخلي عن أي شيء. هذا غير متسق». مشروع إلى إزالة غابات على نطاق واسع، وأهلك مجموعات الأسماك التي تعتمد عليها مجتمعات السكان الأصليين في الغذاء.

«مارينا سيلفا»، التي كانت وزيرة للبيئة بين عامي 2003 و2008 التي عادت كوزيرة للبيئة في الحكومة الحالية، رأت أن الأمر كان أصعب مما كانت تتوقعه لتحويل حكومة البرازيل نحو الوعي البيئي، على الرغم مع وجود «لولا» في السلطة.

لكنها أعربت عن ثقتها في أن «لولا» بوسعه إرضاء شهية التوسع الاقتصادي مع الحفاظ على البيئة في البرازيل. وقالت إن العالم تغير، وتغير فهم «لولا» للدور الذي تلعبه السياسة البيئية. و«لولا» نفسه شديد الانسجام مع هذا الواقع الجديد. وفي رحلاته إلى الخارج، دأب على التأكيد على دعمه لمنطقة الأمازون. ومنذ فوزه، عرضت الدول الأوروبية والولايات المتحدة التمويل مرة أخرى لمساعدة البرازيل على وقف انحسار الغابات، وهي مساعدات توقفت في فترة ولاية بولسونارو.

مارينا دياس*

*صحفية مقيمة في برازيليا.

تيرينس ماكوي**

**رئيس مكتب واشنطن بوست في ريو دي جانيرو.

ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست لايسينج آند سينديكيشن»