لا يختلف اثنان على أهمية اللغة العربية في الجوانب الثقافية والاجتماعية، وهي في زمننا هذا على قدر كبير من الأهمية للمواطن في سوق العمل، وتحديداً في القطاعات الحكومية، المدنية منها والعسكرية على السواء، حيث تتطلب الوظائفُ في هذه القطاعات إتقانَ الكتابة والتعبير باللغة العربية.

فالواجبات الوظيفية تتطلب قراءة الكتب والمراسلات الرسمية ومخرجات الاجتماعات وغيرها، وصولاً إلى كتابة التقارير وصياغة الردود على الرسائل الإدارية.. وجميع ذلك يتطلب من الموظف المواطن إجادةَ القواعد الأولية للغة العربية، بما في ذلك صياغة الجملة بأسلوب واضح ومبسط.
ولدولة الإمارات العربية المتحدة جهود ضخمة ومتميزة، محلياً وعربياً، في مجال الحفاظ على اللغة العربية، وتعزيز نشرها بالصورة الصحيحة بين شرائح وقطاعات السكان كافة في الدولة وخارجها. ونذكر هنا على سبيل المثال وليس الحصر، سياسة دولة الإمارات التي تهدف إلى جعل الدولة مركزاً للامتياز في اللغة العربية، كما نشير بصفة خاصة إلى جائزة محمد بن راشد للغة العربية، وميثاق اللغة العربية، وتحدي القراءة العربي، ومبادرة «بالعربي»، إضافة إلى الاحتفال السنوي باليوم العالمي للغة العربية الذي يصادف 18 ديسمبر من كل عام.
لكن، وبالرغم من تلك الجهود كافة، فإن هناك بعض الجوانب بحاجة إلى التركيز عليها بغية ضمان إعداد وتأهيل جيل من المواطنين الشباب يمتلك أسس وقواعد اللغة، وهي جوانب تتعلق بمهارات اللغة العربية بين شريحة من  بعض طلابنا الجامعيين القادمين من التعليم العام بجميع مراحله، والذين يستعدون للانخراط في العمل الحكومي. 
وبالرغم من أن الجهود التعليمية  تنصب على تعليم الطلبة قواعدَ اللغة العربية خلال مراحل التعليم العام «من المرحلة الابتدائية إلى الثانوية»، فإن إعدادهم وتأهيلهم في أصول الكتابة السليمة والتعبير عن الأفكار والآراء من خلال المدارس ما زال بحاجة إلى جهود إضافية بغية الوصول إلى الصورة المطلوبة.

وبالتالي نجد حالياً شريحة من جيل المستقبل يلتحقون بالجامعات، وهم لا يتقنون الكتابة بلغتهم الأم، الأمر الذي يضطرهم للحصول  علي المساعدة في إعداد التقارير والبحوث الجامعية المطلوبة منهم، وهو تصرف يعكس حاجتهم للمزيد من المهارات في اللغة العربية.
وهنا يبرز تساؤلان أولهما: كيف يمكن تعزيز قدرة الطلاب على إنتاج البحوث باللغة العربية من خلال تطوير قدراتهم على الكتابة وأيضاً من خلال حفز جهودهم في التواصل مع مجتمعهم لنفقل ما أتقنوه من معارف إلى المجتمع.  أما التساؤل الثاني، فيتعلق بماهية الجهود المبذولة لضمان وصول الطلاب لمستوى في اللغة العربية  يمكن الاعتماد عليه مستقبلاً سواء في حياتهم العلمية أو  في مسارهم الأكاديمي.  

ومَنشأ هذين التساؤلين هو ما ننشده من تعميق الاهتمام باللغة العربية الذي نطمح جميعاً لتفعيله من أجل إثراء مهارات الشباب وتحسين  قدراتهم في اللغة العربية، وبالتالي تطوير مؤهلاتهم التي تجعلهم أكثر كفاءة وقدرة على تحمل واجباتهم  الوظيفية على النحو الصحيح عندما يلتحقون بالعمل بعد إنهائهم الدراسة الجامعية.
 إن هذا الوضع يتطلب إجراءات تحافظ على القدرات التعبيرية للشباب في لغتهم الأم، أي لغة الوطن الرسمية.
* باحث إماراتي