تدرك القيادة الرشيدة لدولة الإمارات العربية المتحدة أن الأسرة القوية هي المدخل الرئيس لبناء مجتمع قوي ومتماسك. وقد أولى دستور الدولة الأسرة اهتماماً خاصاً، حيث نصت مادته الخامسة عشرة على أن «الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق وحب الوطن ويكفل القانون كيانها ويصونها ويحميها من الانحراف».
وتعكس تصريحات صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الحرص الشديد على دعم كيان الأسرة المواطنة، وتعزيز تماسكها، على النحو الذي يتجسد في قول سموه: «الأسرة قيمة عظيمة تنبض بين ثناياها كل معاني الحياة»، وقول سموه: «كونوا مع أُسَركم فهي هِبة غالية منَّ الله تعالى بها علينا».
وفيما يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه دولة الإمارات لترسيخ الاستقرار الأسري في المجتمع بوصفه أحد الركائز الرئيسة لعملية التنمية المستدامة، اعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، أول المشروعات التحولية في عام 2024 ضمن «أجندة دبي الاجتماعية 33» التي أطلقها سموّه تحت شعار «الأسرة أساس الوطن». ويتمثّل المشروع المشار إليه في اعتماد تخصيص 3500 قطعة أرض سكنية لتوزيعها على المواطنين المستحقّين في إمارة دبي، وتوفير 2300 مسكن جاهز في مختلف مناطق الإمارة بقيمة 5.5 مليار درهم، حيث أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، أن الاستقرار الأسري والاجتماعي للمواطنين سيبقى دائماً جوهر خطط القيادة الإماراتية وغاية كل مبادراتها.
ويجسّد اعتماد سموّه لهذه المبادرة حرص قيادتنا الرشيدة على توفير كافة سبل الدعم للمواطنين وتعزيز الاستقرار الأسري والحياة الكريمة لهم بما يتماشى مع منظومة الرفاه المجتمعي وجودة الحياة التي تحرص دولة الإمارات على إرساء دعائمها وترسيخ مقوّماتها.
وهنا لا بد من الإشارة إلى أنه، وعلى الرغم مما يشهده العالم من تغيّرات وتحوّلات متسارعة خلال العقدين الأخيرين، لا سيما في مجال التطور الرقمي والتكنولوجي الذي أفرز تحديات كبيرة وتهديداً مباشراً للأمن المجتمعي والاستقرار الأسري في العالم، فإن دولة الإمارات قد نجحت في تقديم نموذج يُحتذى به في كيفية حماية الأسرة وتعزيز تماسكها عبر تأسيس منظومة متكاملة من القوانين والإجراءات المرتبطة بحماية ورعاية أفراد الأسرة كافة والتوعية بحقوقهم.
وتشكّل «السياسة الوطنية للأسرة» التي اعتمدتها الدولة في 2018 الركيزة الأساسية للاستراتيجيات والخطط والمبادرات والبرامج الهادفة لبناء منظومة أسرية متماسكة، وتهدف هذه السياسة إلى تكوين أسرة قادرة على مواجهة تحديات الحياة الزوجية، وتوفير مناخ صحي وسليم يعمل على مساندة الأسرة في مواجهة ضغوط الحياة، وإعلاء قيم المحافظة على استقرار واستدامة الأسرة وتماسكها.
وتقوم مؤسسة التنمية الأسرية التي تحظى برعاية واهتمام ودعم خاص من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات»، بدور كبير في رعاية الأسرة المواطنة لبناء أجيال واعدة تتحمل مسؤولياتها تجاه الوطن، وتحقق طموحاته إلى التنمية والازدهار.
إن تصدّر حماية الأسرة وتعزيز مكتسباتها سلّم الأولويات والاهتمامات في كل السياسات والخطط والبرامج الحكومية في دولة الإمارات، يأتي انطلاقاً من اقتناع القيادة الرشيدة الراسخ بأن الأسرة هي الحاضنة الأساسية والنواة الأولى لوطن متماسك ومتسامح وآمن ينعم أفراده جميعاً بالرفاه والاستقرار.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية