انعكاساً لتنامي التعاون المشترك بين الإمارات وروندا، وقّع الفريق سمو الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، ووزير داخلية رواندا ألفريد غاسانا، مذكرة تفاهم لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب، وذلك خلال فعاليات القمة العالمية للحكومات 2024، التي عقدت فعالياتها الأسبوع الماضي.

وترتقي المذكرة بمستوى التعاون بين الدولتين في مجال مكافحة الجرائم بكافة أنواعها، وتبادل المعلومات، والتدريب المشترك لتطوير العمل الشرطي والأمني، ما يعظم تطلعهما نحو تعزيز الأمن والوقاية المجتمعية. ومما لا شك فيه أن توقيع المذكرة يلقي الضوء على قوة ورسوخ العلاقات بين الدولتين منذ بدء العلاقات الدبلوماسية بينهما عام 1995، حيث حرص الطرفان على تعزيز علاقاتهما الثنائية، والمضي قُدُماً نحو آفاق أرحب، وقد أسهم في تحقيق ذلك افتتاح رواندا سفارةً في أبوظبي وقنصليةً في دبي عام 2015، وافتتاح سفارة الإمارات في كيجالي عام 2018، وتكثيف الزيارات المتبادلة رفيعة المستوى، والتي كان من أبرزها زيارة الرئيس الرواندي بول كاغامي للإمارات في يونيو 2022.

وتولي دولة الإمارات اهتماماً كبيراً لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع رواندا، التي تعد بوابة رئيسية للصادرات الإماراتية إلى منطقة البحيرات العظمى الأفريقية، إذ تملك رواندا تجرية فريدة في إدارة الاستقرار السياسي، والمصالحة الوطنية، والتنمية المستدامة، والتحول الرقمي، والشفافية، ما وضعها في صدارة الدول الأفريقية من حيث استقطاب رجال الأعمال، وأتاح لها الفرصة للتقدم المطرد في التصنيفات الدولية لسهولة إقامة المشروعات الاستثمارية والأعمال التجارية، وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، حيث حقق اقتصادها نمواً بلغ 9.2% خلال الربع الأول من 2023، وفقاً لتقديرات البنك الدولي، لتصبح واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم. وقد حصلت مجموعة «موانئ دبي العالمية» على امتياز لمدة 25 عاماً لتطوير وتشغيل مركز لوجيستي جديد في كيجالي عام 2016.

وافتتحت المجموعة منصة كيجالي اللوجستية عام 2019، والتي تربط رواندا بدول جوارها، ومنها الكونغو الديمقراطية وبوروندي وأوغندا وتنزانيا وكينيا، كما وقعت الدولتان اتفاقات عديدة شملت: تجنب الازدواج الضريبي، والخدمات الجوية، وتشجيع وحماية الاستثمارات، والتعاون التقني، بالإضافة إلى إطلاقهما شراكة في مجالات تحديث العمل الحكومي في فبراير2023.

كما انطلقت الاستثمارات الإماراتية في رواندا، لتغطي مجالات واسعة أبرزها: الطاقة والتعدين والاتصالات والسياحة والزراعة والعقارات، وهي الاستثمارات التي بلغت 248 مليون دولار في نهاية 2022، والتي يتوقع أن تأخذ خطاً متصاعداً بقوة، بعد تشكيل مجلس الأعمال الإماراتي - الرواندي (فبراير 2023)، وذلك اتساقاً مع خطة الإمارات الطموحة للحفاظ على صدارتها للدول الخليجية المستثمرة بأفريقيا خلال السنوات العشر الأخيرة، حيث تستحوذ الإمارات على نحو 88% من الصادرات الخليجية إلى أفريقيا (نوفمبر2022).

وأضحت الإمارات أيضاً الشريك التجاري الرائد لرواندا، حيث نمت التجارة بينهما عشرة أضعاف، وذلك من حوالي 100 مليون دولار عام 2012 إلى 1.09 مليار دولار عام 2022، شكلت الصادرات الإماراتية منها 53%، وهو النمو الذي يتوقع استمراره، خاصة مع إطلاق «غرفة دبي العالمية» مبادرة «آفاق جديدة للتوسع الخارجي»، التي تستهدف دعم توسع الشركات الإماراتية بالأسواق الخارجية. كما تحظى رواندا بأولوية ضمن برامج الدعم والمساعدات الإماراتي، حيث كانت دولة الإمارات في طليعة شركائها في مجال إعادة الإعمار عقب تجربة الإبادة المريرة عام 1994. كما قدمت إليها مساعدات طبية لتعزيز قدراتها في مواجهة جائحة كورونا، فضلاً عن برامج التدريب، والمنح الدراسية للطلاب الروانديين بالجامعات الإماراتية.

وختاماً، فإن الاستقرار السياسي والتطور التشريعي والإداري الذي تشهده رواندا اليوم من شأنه أن يتيح فرصاً واعدة أمام الدولتين من أجل تطوير تعاونهما المشترك، على نحو يعود بالنفع على شعبيهما، وفق لمبدأ «رابح-رابح»، الذي تحرص دولة الإمارات على تكريسه كقاعدة حاكمة لشراكاتها الدولية.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية.