يحتفي العالم في الثالث من مايو كل عام باليوم العالمي لحرية الصحافة، للتذكير بأهمية الدور الذي تقوم به الصحافة ووسائل الإعلام بشكل عام في ترسيخ التعددية الفكرية وبناء المجتمعات المتقدمة وتعزيز المشاركة العامة، وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت اليوم العالمي لحرية الصحافة في ديسمبر 1993، بناءً على توصية من منظمة اليونسكو. ويعود تاريخ هذا اليوم إلى مؤتمر عقدته اليونسكو في 03 مايو 1991 بالعاصمة الناميبية ويندهوك، تم خلاله تبني «إعلان ويندهوك» التاريخي لتطوير صحافة حرّة ومستقلّة وتعدديّة.
وتمثل هذه المناسبة فرصة للحديث عن الأهمية الخاصة التي تحظى بها المنظومة الإعلامية لدى القيادة الرشيدة لدولة الإمارات، ممثلة في صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، والتطورات المهمة التي شهدتها هذه المنظومة خلال السنوات القليلة الماضية، بهدف تعزيز دورها في دعم عملية التنمية المستدامة، لتحقيق الأهداف والأولويات الوطنية التي تسعى إليها دولة الإمارات.
وقد أكد صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أكثر من مناسبة، أهمية الدور الحيوي الذي يقوم به الإعلام في مسيرة التقدم التي تشهدها الدولة ونهضتها وتطورها، ويقول سموه إن الدولة تنظر إلى الإعلام بمختلف أنواعه باعتباره شريكاً أساسياً في منظومة التنمية الوطنية الشاملة وتقدم له الدعم الكامل للقيام بدوره في المجتمع، وإن العمل الإعلامي رسالة قبل أن يكون مهنة أو وظيفة لأنه يتعامل مع عقول الناس وأفكارهم وتوجهاتهم.
وتجدر الإشارة إلى أن الأهمية الكبيرة التي يحظى بها قطاع الإعلام في دولة الإمارات تقف خلفها قناعة راسخة بحيوية الدور الذي تضطلع به وسائل الإعلام في بناء المجتمعات العصرية. وتعمل المؤسسات المنوطة بالإشراف على قطاع الإعلام في الدولة على تعزيز قدرة وسائل الإعلام على مواكبة التطور التكنولوجي المتسارع حتى تكون قادرة على القيام بدورها على أكمل وجه، وثمة اهتمام خاص من قبل هذه المؤسسات بإعداد كوادر مواطنة لديها المهارات التي تمكنها من تطوير العمل الإعلامي بمختلف وسائله.
وفي ظل هذه الأهمية التي يحظى بها قطاع الإعلام في دولة الإمارات، وحرص القيادة الرشيدة على ترسيخ منظومة عصرية متطورة للإعلام، شهد هذا القطاع جملة من التطورات المهمة. ففي يناير 2023، صدر مرسوم بقانون اتحادي بإنشاء المكتب الوطني للإعلام، الذي يهدف إلى تطوير منظومة الإعلام في الدولة ويعزز موقعها على المستويين الإقليمي والدولي. وفي فبراير 2023، صدر المرسوم بقانون اتحادي بإنشاء مجلس الإمارات للإعلام، الذي يتبع مجلس الوزراء، ويهدف إلى تنسيق الجهود الإعلامية على المستويين الاتحادي والمحلي بالتنسيق مع الجهات الإعلامية الحكومية في الدولة. وفي ديسمبر 2023، صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم 55 لسنة 2023 في شأن تنظيم الإعلام، بهدف تنظيم الأنشطة الإعلامية بمختلف أنواعها بما يُعزز مكانة الدولة كمركز إعلامي عالمي.
وتولي دولة الإمارات تطوير الإعلام على الصعيد العربي أهمية كبيرة، انطلاقًا من حقيقة أن هذا التطوير بات ضرورة ملحة، وبما ينسجم مع التزاماتها ومسؤولياتها تجاه الدول العربية الشقيقة. ولدولة الإمارات العديد من المبادرات المهمة في هذا السياق، ومن أبرزها برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة الذي يعد المبادرة الأضخم لتطوير قدرات الشباب العربي في مجال الإعلام، وهو يهدف إلى تقليص الفجوة بين ما تطرحه معاهد الإعلام وكلياته ومتطلبات في سوق العمل. وقد نجح البرنامج على مدار دوراته الخمس الماضية في تخريج أكثر من 400 شاب وشابة من أرجاء العالم العربي، وتجاوزت نسبة توظيف الخريجين 90% من إجمالي الملتحقين بعدد من المؤسسات الإعلامية الوطنية والإقليمية والدولية، بالإضافة إلى المشاريع الريادية والخاصة التي أنتجها المشاركون من خلال تعاونهم فيما بينهم كمجتمع شبابي إعلامي فاعل ومتكامل.
وفي الواقع، فإن هذا الاهتمام الكبير الذي يحظى به قطاع الإعلام في دولة الإمارات قد ضمن له التطور المستمر على النحو الذي يكفل مواكبته للتطورات التكنولوجية الهائلة التي يشهدها عالم اليوم، وهو ما عزز دوره في دعم عملية التنمية الشاملة، ووفر له الكثير من الفرص لدعم الهوية الوطنية وتعريف العالم بإنجازات الدولة على المستويات كافة.

*صادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية