لم أستطع تجاوز كلمة الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإصراره على التهوين من التغير المناخي وتحذيرات العلماء، رغم حرائق الغابات من الأمازون إلى إسبانيا واليونان، وأفريقيا وأرقام ضحايا الدمار الذي تخلفه الفيضانات والأعاصير التي تجتاح العديد من البلدان، بينها أميركا.
ما قاله ترامب في القمة التي عقدت على هامش الدورة الـ 80 للأمم المتحدة، أعاد للأذهان مواقف مشابهة خلال فترة رئاسته الأولى (2017 - 2021)، إذ أعلن آنذاك الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ، واعتبر أن الإجراءات الدولية للحد من الانبعاثات تُضرّ بالاقتصاد الأميركي، وتُقيّد الصناعات المحلية.
الرئيس الأميركي وصف قضية تغيّر المناخ بأنها «أكبر عملية احتيال شهدها العالم على الإطلاق»، وهو ما أثار قلقاً بين المعنيين بأزمة المناخ حول العالم، فالتصريح لا يأتي من قيادة دولة عادية، بل من بلد يعد أكبر اقتصاد ومصدراً رئيسياً للانبعاثات الكربونية، وهو ما يمنح هذا الموقف وزناً سياسياً ومعنوياً كبيراً، الأمر الذي قد يربك الجهود الدولية الهادفة إلى مكافحة الاحتباس الحراري وإنقاذ الكوكب.
موقف الإدارة الأميركية قد يربك مسار المفاوضات داخل مؤتمرات المناخ التي تقوم أساساً على التعاون والالتزام الجماعي، كما أنه يمنح الدول المترددة أو المعارِضة لاتفاق باريس مبرراً للتقاعس أو الانسحاب من التزاماتها، مما يؤدي إلى تفكك الجبهة العالمية التي يفترض أن تتوحد في مواجهة الخطر البيئي المشترك.
ولا شك أيضاً في أن مثل هذه المواقف تُضعف الجهود الدولية الجماعية لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري، وتجعل جهود العلماء والمختصين في مهب الريح.
زعماء العالم حاولوا قدر جهدهم التخفيف من تأثير الموقف الأميركي، وعبّرت 118 دولة خلال قمة عقدت على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة عن دعمها المستمر لمكافحة تغير المناخ، وصرح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (بأن العلم المحيط بالوقود التقليدي المسبب للاحتباس الحراري واضح بما فيه الكفاية).
وقال الرئيس الصيني شي جين بينغ، إن «التوجّه السائد في عصرنا» هو لمراعاة البيئة، وخفض الكربون، مؤكداً أنّه «على الرغم من أنّ بعض الدول تعمل ضدّ هذا التوجّه، يتعيّن على المجتمع الدولي أن يستمر في طريقه»، معلناً التعهّد بخفض انبعاثات بلاده من غازات الدفيئة بنسبة تتراوح بين 7 و10% من أعلى مستوياتها، بحلول عام 2035.
موقف الدولة العظمى يدفعنا للنظر بعمق وفخر شديدين لجهود الإمارات الكبيرة في هذا الملف، وحرص قيادتنا البالغ على إنقاذ الكوكب من مصيره الكارثي، وفي إطار هذه الجهود الرائدة، تستضيف الإمارات برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وللمرة الأولى في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، «المؤتمر العالمي للحفاظ على الطبيعة»، الذي ينظِّمه الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة.
وتعكس استضافة الحدث، مدى التزام الدولة بدعم الحوارات والمبادرات البيئية على الصعيد الدولي، من أجل إيجاد حلول فعّالة للتحديات البيئية الأكثر إلحاحاً، ويرسِّخ مكانة دولة الإمارات داعماً رئيسياً للمحافظة على الطبيعة، وإبراز دورها الرائد في تحقيق الاستدامة المناخية والبيئية التي تشكِّل مستقبل كوكب الأرض.
كما تمكنت الإمارات من استباق الجدول الزمني المحدد دولياً للتخلص التدريجي من المواد المستنفدة لطبقة الأوزون، وكشفت بيانات المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء عن أن الانخفاض المتواصل في استهلاك المجموعات المستنفدة للأوزون، يعكس التزام الإمارات بالتخلص التدريجي من هذه المواد، التي تلحق أضراراً بطبقة الأوزون، وفق النسب والأطر الزمنية المحددة ضمن الاتفاقيات والبروتوكولات المعنية، وصولاً إلى موعد الحظر الكلي لها في عام 2040.


