الإمارات كالنَفـسِ في الروح، وتسكن في أيام الاتحاد الأولى ذكرياتنا ومرحلة عنفوان شبابنا ومغامراتنا مع الحب وتدور كالأفلاك تفاصيلها الدقيقة في أذهاننا وقلوبنا وتُقعُ الشاعرة عوشة بنت خليفة السويدي موقع الشريان التاجي المُجسد لمشاعر المحبة ولسان الحال. فهي من تخطت حدود المعقول وسخرت من ملكيتها الحصرية للكلمات ومفرداتها وأوزانها في بحور الشعر ما نسجت به شجون غيرت بها مفاهيم وأحكمت أساليب نَظْم الشعر بمختلف مناجاته ما عكست عن طريقه رقي التعبير وواقع الحياة ورهافة الحس والبلاغة والإبداع. وبالنسبة لي هي من حفظ شِعرها تاريخ الحب في الإمارات؛ فهي من نظمه من منظور مغاير وهي من تغزل بالغزل ومن دلل الشوق وداعب الحب ودَوَّنَ المناسبات والأحداث السياسية والتاريخية التي تحفظها الذاكرة، ولا توجد في كتاب. وهي من غَـيَّـر مفردات اللهجة العامية حتى أصبح من المألوف أن نعاتب الآخرين بعبارة “يا زين ما رحبت بي ليش؟ خذت السلام وقمت تنحاش!” أو لتعبيرنا عن الشوق نغرد بكلماتها “ياشـوق هـزّنـيـه هــوى الـشّــوق” وعندما تغلب علينا المشاعر نتذكر أبياتها “إلى بـيّـحـت بأسرار خـفّـيـه، أداري شـرهـة الغـالـي عـلـيّـه”. ومن بحور شعرها تلك الموجة التي تطوي عالم العاشق في سطورٍ تتعفف وتتمنع وتمتطي صهوة حصان جامح وفي نهاية المطاف تقف ونقف معها وبين أيدينا ثقافة، وموروث شعبي، وحضارة نتحدى بها الأفقي والعمودي. مـــويـــةٍ م الـــلّـــج مـــزرقّــــه طـبّـعـتـنــي والـهــوى شــامــي آه يـــامـــن عـــايـــن الـــدّقّــــه فـي الـخـلا وارجـابـه احـيـامـي جـنّـهــا فــي الـنّــجــر مـنــدقّــه قـوّة الـصّـحّــه مــن اعـظـامــي الـعـمــر والــرّوح مـــن حــقّــه ومـعـلــق جـبــدي ولانـسـامــي مــطّ قـلـبــي روحــي أو شـقّــه واسـرقـه مـن داخـل اجـسـامـي غـــصـــب لارافـــــه ولارقّــــــه لا ولا ايـداخــلــهــم أرحــامـــي يــال شـيــلــه والــخــدر عــقّــه وانـتـظـر فـي يـرحــي الـدّامــي وجـنــتــه بــالـــورد مــشــرقّــه والـحـيـا فـي حـسـنـه الـسّـامـي شــحّ مــا سـايــر هــل الـخـقّــه والـوسـيـج أوضـول لايـهـامــي يـعــل يــود الـسّـحــب مـدفــقّــه ويـــن يــرتــع ســيــد لارامـــي وتأتى تسميتها بفتاة العرب بمرتبة الشرف الأولى فالمعني لا يمت للشباب أو الحدث وإنما، كما ورد في لسان العرب، الفتى هنا بمعنى الكامل الجزل، كقول الشاعر: “إن الفتى حمال كل ملمة، ليس الفتى بمنعم الشبان”. لقد أسهمت أشعارها في ترسيخ الثقافة الشعبية من خلال الشعر النبطي فعبرت عقود من الزمن وتركت في نفوس الأجيال ما تركت. فتاة العرب، أم الشعراء ممن قالت عنهم العرب شاعر، لشعورها ما لا يشعر به غيرها أو يعلم وهي أنموذجاً لإحدى مدارس الشعر الإماراتي وهي من تبرهنه وتثيره قصائدها فينا من عواطف وتجرف مشاعرنا استعاراتها وتشبيهاتها وكناياتها وحتى تلك البيوت التي تبنيها للمجهول والمبهم والمعروف. فتاة العرب، القلم والكلمة والسيف والخنجر وهي جزء لا يستهان به من حبنا وفخرنا بالوطن. وللعارفين أقول، فتاة العرب في مقياس نظري ما فسره ابن منظور عن الغزالة. bilkhair@hotmail.com