أتساءل كثيراً عن شكل الحياة لو لم يكن هناك شعور وفعل الامتنان! لو توقف الناس عن قول كلمة ''شكراً'' و''أنا ممتن'' وتوقفوا عن ابتسامات الرضا، ونظرات القبول؛ لو تحجرت عيون الأطفال ونحن نعطيهم الحلوى؛ ولو اختفت تفاصيل الفرح في وجوه من يهديهم عشاقهم الورد؛ هل سيبقى هناك دافع لشراء الحلوى والورد؟ هل ستستمر الأفعال الجميلة بنفس الدرجة، وتبقى عطاءات الناس متدفقة ؟ يرى البعض أن العطاء سيستمر لأن من يقوم بالفعل الجميل لا ينتظر مقابلاً، ولكن الحقيقة أن إطلاق هذه الفكرة في العموم يظل نظرياً بعيداً عن الواقع؛ إذ حتى العلاقات الأسرية تتأثر بفعل استمرار العطاء والبذل بدون مقابل أقله فعل الشكر والامتنان، فتأخذ منحى جافاً بل وقاسياً مع استمرار تجاهل الأفعال الجميلة، لدرجة توقفها غالباً، هذا إذا لم تتحول إلى علاقات نكران وجحود؛ فالذي يصر على استمراره في العطاء والبذل لمن لا يرى في الشكر واجباً عليه، إنما يُربي جاحداً وهو لا يعلم· يخطئ كثيراً من يصدق أثناء تلقيه فعل العطاء والبذل والأشياء الجميلة من الآخرين أنه يستحق ذلك، وأن هذا الأمر سيستمر للأبد، وأن الآخرين سعداء بما يفعلون فلا داعي لشكرهم، أو أن الشكر لن يقدم إضافة تُذكر؛ فالحقيقة الوحيدة التي على الإنسان تصديقها أثناء تلقيه الأشياء الجميلة من الآخرين، أنه محظوظ بأن الله وضع في طريقه أُناساً رائعين معطائين، وأن عليه أن يجيد شكرهم والامتنان لهم، لأن من لا يشكر العباد لا يشكر رب العباد· على شرفة أيامي انتظرتك طويلاً، تابعت القمر في مداره، راهنت على مجيئك قبل اكتماله، ونسجت من أبيات أنفاسي قصائد تشبه حضورك لألقيها عليك زهوراً بهجة بك؛ تركت كل الأشياء بلا لون لنختار ألوانها سوياً، أعلم أن الألوان ستستحي من رونقك، والقمر سيخجل من بهائك، والسماء ستغار من انشراحك، ولكنها ستنتظر حضورك معي، فهي جميعاً مثلي·· ممتنة لأنك فرشت أيامي على عتبة قلبك· als.almenhaly@admedia.ae