نعيش أصداء فرحة واحتفاء آلاف الأسر المواطنة، بأوامر قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله بمعالجة وتسوية جميع قضايا القروض الشخصية المتعثرة للمواطنين ممن تقل مديونياتهم عن مليون درهم، سواء كانوا موقوفين على ذمة قضايا أو صدرت بحقهم أحكام ويقومون بتسوية مديونياتهم عبر جداول تسديد حددتها المحاكم. لقد تجاوزت أصداء الفرح، حدود الوطن، ووكالات الأنباء العالمية تبرز القرار غير المسبوق الذي يجسد حرص قيادة الإمارات على إيجاد تسوية مناسبة لمعالجة معاناة آلاف الأسر ممن وجدت نفسها فجأة في ظروف صعبة جراء تورط عائلها في قرض تعثر في سداده، وها هي اليوم تنعم بالاستقرار والطمأنينة إثر هذه الأوامر السامية التي يستفيد منها أكثر من ستة آلاف مواطن، تبلغ مديونياتهم قرابة الملياري درهم. وقد ركزت تلك الوكالات في تغطيتها للخبر على دلالته الاجتماعية وباعتباره نموذجا للمعالجات الحكيمة لهذه القضية الكبيرة، والأوامر السامية تفتح باب الأمل مجددا لهؤلاء لبدء حياة جديدة يعيدون معها ترتيب شؤون حياتهم وأولوياتهم، بحسب آلية التسديد التي تتضمن “خصم 25% من الراتب الشهري مع تعهد بعدم الاقتراض مرة أخرى إلى أن تتم معالجة الدين”. وهذه التسويات تعد مرحلة أولى من مراحل عمل الصندوق الذي أنشئ بقرار من سموه حفظه الله، لتسوية المديونيات المتعثرة للمواطنين ذوي الدخل المحدود برأسمال قدره عشرة مليارات درهم. لقد حملت هذه المبادرة الكريمة من فيض مبادرات قائد مسيرة الخير والعطاء رسالة في غاية الأهمية ليس فقط لهؤلاء المقترضين وإنما للجميع بضرورة الابتعاد عن المظاهر الاستهلاكية الزائدة والتي تجعل البعض منا يعيش واقعا غير واقعه وهو يطرق أبواب البنوك طلبا لقرض يشبع به رغباته، وأهمية التحلي بثقافة الادخار وتعميقها بين النشء والمجتمع كافة. إن المصارف التجارية معنية في المقام الأول بهذه الدعوة السامية، فمسؤولياتها المجتمعية تتطلب منها الحرص على استقرار الأسرة، وتشجيع أفرادها على الادخار، لا إطلاق سباق وتنافس محموم بين موظفيها حول أكثرهم مهارة وقدرة في توريط أكبر عدد من محدودي الدخل بقروض لا قبل لهم بها، مستغلين لحظة ضعف وحاجة لدى هؤلاء. وهذه البنوك أكثر الجهات إدراكا لقدرة العميل على السداد من عدمه بل تصر على توريطه أكثر، وموظفها يفتح الأبواب لتقديم أموال أكثر، لو تقدم المواطن بطلبه كصاحب رخصة تجارية- حتى وإن كانت وهمية- لا كمجرد موظف لا يملك سوى راتبه الشهري. ويزيدون العقدة حول المقترض بتكبيله بما يسمونها تسهيلات ائتمانية من خلال السحب على المكشوف والبطاقات الائتمانية وغيرها. إن تعميق ثقافة الادخار مسؤوليتنا جميعاً، ومطلوب منا تعليم أبنائنا الفرق بين الحرص والبخل ومخاطر الانجرار وراء الاستهلاك غير الرشيد، وتقليد الآخرين في شراء سيارة جديدة أو السفر للخارج أو تجديد أثاث السكن وغيرها من أبواب ذلك الاستهلاك، ولنتذكر جميعاً تلك الحكمة الذهبية للأجداد ”على قد لحافك مد ريولك”. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae