أسماء الحسيني (القاهرة)
انتهت مباحثات قيادات قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية السودانية في القاهرة أمس الأول بدون إعلان نتائج محددة. وكشفت مصادر مطلعة لـ«الاتحاد» أن الخلافات متعلقة بمطالب الجبهة الثورية بالمحاصصة في هياكل الحكومة الانتقالية، وأن قوى نداء السودان تنازلت للجبهة عن المقعد المخصص للكتلة كلها في مجلس السيادة، ولكن الجبهة الثورية طالبت بمقعد آخر، إضافة إلى تمثيل كبير لها في مجلس الوزراء والمجلس التشريعي وحكومات الولايات، بجانب تعديل المادة 69.
واكتفى المجتمعون في القاهرة، بمؤتمر صحفي مساء أمس الأول، أعربوا فيه عن تقديرهم لاستضافة مصر، وإعلان استضافة القاهرة لاجتماع آخر لقيادات الجبهة الثورية بعد أسبوعين، ودعم مصر لإنشاء منبر للسلام في السودان، الذي يعد أهم قضية أمام الحكومة الانتقالية الجديدة، التي من المقرر أن يتم تشكيلها أواخر الشهر الحالي، بعد توقيع الاتفاق النهائي بين قوى الحرية والتغيير والمجلس العسكري الانتقالي السبت المقبل في الخرطوم بحضور إقليمي ودولي رفيع.
وأكدت الخارجية المصرية في بيان لها أنها ستواصل اتصالاتها مع الأشقاء في السودان ودول جوار السودان والإقليم من أجل تحقيق السلام والاستقرار، وقالت إن الاجتماع الذي استضافته جاء دعماً للوثيقة الدستورية.
وأعلنت قيادات قوى الحرية والتغيير والجبهة الثورية المشاركون في اجتماع القاهرة الاتفاق على بعض النقاط الأساسية، والاتفاق على إرجاء النقاط العالقة إلى مفاوضات لاحقة، ومواصلة الحوار، إما في الخرطوم أو بلد آخر، ولكنهم لم يذكروا أي تفاصيل حول نقاط الخلاف.
وقال الدكتور جبريل إبراهيم، رئيس حركة العدل والمساواة والقيادي بالجبهة الثورية، إن حوارات القاهرة كانت جادة وصريحة وبناءة في كل القضايا، ووصلت إلى تفاهمات مهمة، ركزت على قضية السلام وأهمية الوصول إلى سلام شامل لا يستثني أحداً، مشيراً إلى أن كل مشاكل السودان مترتبة على غياب السلام، وأنه لا مجال لتحقيق الاستقرار أو بناء نظام ديمقراطي حقيقي قابل للاستدامة في غياب السلام، ولذا كان التركيز على كيفية تحقيق السلام وكيف يمكن إدراج وثيقة السلام التي تم الاتفاق حولها في أديس أبابا في الوثيقة الدستورية والاتفاق السياسي في السودان، اللذين سيحكمان الفترة الانتقالية القادمة.
وقال «حققنا تقدماً كبيراً لكن بطبيعة تكوين ائتلاف الحرية والتغيير، والذي هو ائتلاف لتحالفات، مما يجعل الأمر يحتاج إلى إكمال ما تبقى من مشاورات في الخرطوم، فاتفقنا على أن نتواصل، وأن نواصل الحوار حتى نصل إلى ما نصبو إليه من اتفاق، وسيتولى إخوتنا في مصر متابعة الأمر والتواصل مع الأطراف المختلفة خلال الفترة القادمة».
وأضاف أنه بجانب الحوار مع قوى الحرية والتغيير، التقت الجبهة الثورية السودانية مع الحكومة المصرية، وتحاورنا معها حول مستقبل السلام في السودان، ومسألة المنابر وكيفية استيعاب كل القوى المؤثرة في السلام بالسودان والمحيط الإقليمي والدولي إلى جانب القوى الداخلية، بحيث عندما نصل لاتفاق سلام نضمن أن الجميع معه ويعمل على تنفيذ هذا الاتفاق، وقطعنا شوطاً كبيراً في هذا الأمر، واتفقنا على عقد اجتماع موسع للجبهة الثورية بعد أسبوعين من الآن في القاهرة.
وأضاف جبريل إبراهيم أن مصر أكدت أنها غير حريصة على نقل منبر السلام إلى القاهرة، ولكنها حريصة على تحقيق السلام، وعلى ضمان أن أي اتفاق سلام يصل إليه السودانيون يجب أن يكون شاملاً، وأن تكون كل دول الجوار والدول المعنية بالسلام والاستقرار طرفاً في هذا الاتفاق، وأن التشاور يجري الآن في اتجاه كيف نجعل هذا الأمر ممكناً.
ومن جانبه أكد مدني عباس مدني القيادي بقوى الحرية والتغيير والمتحدث الرسمي باسمها أن الحوار كان جاداً، والسلام هو عملية مستمرة ومتواصلة، وقضية السلام مرتبطة بمعاناة تمتد لأكثر من 8 ولايات وملايين النازحين، وهي أهم قضية تحتاج إلى اهتمام، وسيستمر الحوار مع الجبهة الثورية من أجل تأكيد مشاركة جميع السودانيين في المرحلة الانتقالية القادمة، التي لا يمكن أن تتأسس بأي حال من الأحوال على الإقصاء أو على استبعاد أي من المكونات الأساسية في المجتمع السوداني.
وأضاف أن الجميع جادون وحريصون في الفترة القادمة على أن تكتمل كافة الترتيبات المتعلقة بإكمال عملية السلام في السودان، لأن عدم اكتمالها لن يمكن معه نجاح أي شيء في المرحلة الانتقالية، لأن نجاح المرحلة الانتقالية مرتبط بشكل أساسي بإنجاز عملية السلام.
ومن جانبه، أكد ياسر عرمان، نائب رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان والقيادي بالجبهة الثورية، أهمية اجتماع القاهرة الذي قال إنه أدخل مصر في قضايا التحول والاستقرار في السودان، وأكد أهمية قضية السلام والمواطنة العادلة بلا تمييز في السودان، والتي يجب أن تحظى بما تستحقه من اهتمام. وأضاف أن اجتماع القاهرة اهتم بقضية السلام والمواطنة فى السودان، مؤكداً أهمية أن تتحقق قضايا السلام والديمقراطية كحزمة واحدة، وألا يكرر السودان تجارب الانتقال السابقة في الأعوام 1956، 1964، 1985.
وأضاف: القاهرة طرحت مع دول الجوار ودول الإقليم والمجتمع الدولي القيام بدور في منبر سلام السودان، وهذا دور مرحب به من الجبهة الثورية. وأوضح أن الجبهة الثورية ستقوم بزيارة قريباً إلى دولة جنوب السودان ثم تشاد لبحث قضية السلام في السودان.
ومن جانبه، أوضح وجدي صالح القيادي بقوى الحرية والتغيير، أن اجتماعات القاهرة كان الهدف منها الاتفاق على كيفية الوصول لسلام حقيقي يحقق الاستقرار في البلاد. وقال «نسير بخطى ثابتة نحو السلام، التقينا في أديس أبابا، وتم الاتفاق على وثيقة بغرض إدراجها ضمن الوثيقة الدستورية، وسرنا في هذا الاتجاه، واستكملنا النقاش في القاهرة، وستتواصل الاجتماعات حتى نصل إلى صيغة متكاملة يمكن أن تؤدي إلى السلام في البلاد، ولم نجد من إخوتنا في الجبهة الثورية إلا كل ترحاب وحوار هادئ وبناء وإيمان عميق بأن جهود السلام يجب أن تكلل بالنجاح لأن نجاح الثورة مربوط بالسلام».
وأضاف أن «هناك بعض القضايا العالقة، ستتواصل اجتماعاتنا داخل الخرطوم وخارج الخرطوم حتى نتوافق على اتفاق سلام دائم يمكن أن يوقف الحرب ويحقق السلام الذي يحقق تطلعات شعبنا، ونحن ندرك المعاناة التي يعاني منها ملايين النازحين وآلاف اللاجئين والمهجّرين، ونريد لهذه المعاناة أن تتوقف والإهدار الكبير للأرواح والمقدرات أن يتوقف، وهي قضية كبيرة، ونحن قوى على درجة إيمان واحد بأهمية السلام وإيمان بأننا متفقون على الهدف، والنقاش الآن يتم حول الإجراءات التي تمكن من الوصول لهذا السلام».
وعلى صعيد آخر، أعلن المجلس العسكري السوداني أنه قام باستنفار القوات الأمنية والعسكرية في شوارع الخرطوم لمواجهة آثار السيول التي هطلت على عدة مناطق، مخلفة أضراراً كبيرة في كثير من المناطق.