مشهد الناس في الأسواق خلال الساعات الأخيرة لما قبل حلول شهر رمضان المبارك واليوم الأول منه، لا يحتاج لكثير تحليل لأسباب الغلاء ودور«أهل اللحظة الأخيرة» في اختلاق الظروف غير المريحة وتأزيمها.
في اليوم الأول من الشهر الكريم، كان المشهد داخل سوق مدينة زايد للخضروات والفواكه واللحوم والأسماك في قلب العاصمة أبوظبي يوحي كما لو أننا على أبواب أزمة، وكانت الساحات الخارجية تفيض بالسيارات، ومفتش «مواقف» في ذروة نشاطه راصداً السيارات المتوقفة نظامياً والأخرى عشوائية الموقف.
ومعظم المتبضعين يصرخون في وجه الباعة حنقاً على ما يرونه سعراً مرتفعاً لبضاعتهم التي يدفعون ثمنها بعد ذلك مستسلمين، وكان السوق ولله الحمد عامراً بالخضار والفواكه المحلية منها أو القادمة من البلدان المجاورة وحتى البعيدة عنا آلاف الأميال.
المشهد برمته يختصر خلل تفكير «أهل اللحظة الأخيرة» الذي ينسحب على أمور كثيرة في حياتهم وتعاملاتهم اليومية، ففي مجال عملهم تجدهم دائماً يتحركون في آخر لحظة لإنجاز المطلوب منهم على الرغم من كونه مبرمجاً منذ شهور.
 نفس الشيء في الأسواق كان بإمكانهم بدل الازدحام المفتعل، شراء احتياجاتهم بصورة مبكرة وتوفير طاقتهم وراحة بالهم وأعصابهم وعدم خدش صيامهم في اليوم الأول من رمضان بتلاسن لا مبرر له مع الباعة في ذلك السوق العتيد الذي يحتاج لاهتمام أكبر من بلدية أبوظبي سواء كان لجهة صيانته الدورية أو تكثيف المفتشين فيه، إذ غالباً ما تجد مفتش«مواقف» يحوم حوله في دأب ونشاط، بينما يغيب عنه مفتش البلدية المعني في المقام الأول بما يجري فيه وما يعرض داخله من غذاء وله علاقة بصحة الإنسان.
السوق عرض وطلب، و«أهل اللحظة الأخيرة» يتسببون في طلب غير واقعي وليد اللحظة، ويوفرون ذريعة للتجار والموردين لرفع الأسعار بحجج وأسباب متعددة ومتنوعة.
كمستهلكين مطلوب منا إظهار قدر من الوعي والاستهلاك الرشيد لتفويت الفرص على مستغلي الظروف والمناسبات، وذلك بالتسوق المبكر والتزود باحتياجاتنا الفعلية من هذه السلعة أو تلك حتى لا يكون مصيرها صناديق النفايات. وعي واستهلاك رشيد مطلوبان للتصدي لكل تلك الممارسات والظواهر غير الصحية التي تشهدها أسواقنا خاصة في أوقات المواسم والمناسبات كما لو أنها تحل فجأة أو بصورة مباغتة. وعي يفترض أنه قد أصبح متقدما ومتبلورا لدى العامة في وطن المبادرات الملهمة للحد من الإسراف والحفاظ على النعم.