في معرض لندن الدولي للكتاب، كان لدولة الإمارات حضور الشمس على جبال الوعي الإنساني، ممثلة بإمارة الشارقة، وكان التكريم بإيعاز من أهمية المشروع الثقافي الذي يقود جياده صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، حيث في هذه الدورة للمعرض كانت الشارقة ضيف الشرف، والعَلَم الإماراتي منصوب في العاصمة البريطانية، كأنه الطير يحدق في المكان، ويحلق باسم الإمارات عالياً، مستشهداً بحرف الضاد الذي استلته الشارقة براقاً، فیاضاً بالمعنى والدلالة، نابعاً من رقعة التراب النبيل الذي خرجت منه ساريات الثقافة، ورايات الفكر، واليوم أينما تول وجهك تجد علم الإمارات بألوانه الأربعة يلون حياة الناس بالبهجة، والتفاؤل، ونشر ثقافة التسامح، والتواصل، والانسجام مع الآخر، کثیمة لموضوع حياة، ومعنى لقصة وطن بني على صناعة الأحلام الزاهية، وإنتاج رفاهية الإنسان، وصياغة ثقافته على أسس الجنس البشري الذي لا يضع الحدود، ولا يرسم الحواجز بين الإنسان والإنسان.
الشارقة وصلت إلى لندن عبر قطار ثقافة الانفتاح دون اندفاع، وحققت مشروعها الإنساني من دون مساحيق تجميل، بل هي هكذا ذهبت لتعبر عن ثقافة الإمارات، بصحرائها وبحرها، وبدوها وحضرها، وبكل خصال أهل الإمارات كانت هناك لتقول للعالم نحن هنا، وبين أيدينا الصحائف والكتب، وفي قلوبنا محبة الناس، وفي ضميرنا يكمن سر انتمائنا لهذا العالم الواسع الشاسع، وفي تاريخنا يوجد العنوان العريض، لدولة حملت مشعل الثقافة منذ نشأتها، وسارت في الدنى مشعشعة كأنها الشمس الطالعة على خيمة الوجود، كأنها لؤلؤة الأعماق في كف الوجود، مؤكدة بأن الحياة ليست إلا كتاباً نحن الذين نضع الكلمات بین صفحاته، وأنها ليست شجرة نحن الذين نضع الثمرات على أغصانها، وأنها ليست إلا أرضاً نحن الذين نلوّن ترابها بالعشب القشيب.
هذه هي رسالة الإمارات حملتها الشارقة إلى معرض لندن، فجاء الجواب احتفاء ووداً، واعتزازاً، بالمشروع الأهم في تاريخ الأمم.
رسالة الإمارات الثقافية هي مخطوط نسخ باليد، وحبره من مشحات الدم، وأول كلمة فيه هي اقرأ، وهي هكذا دوماً تقدم الإمارات نفسها للعالم كتاباً مفتوحاً لا فيه لغط، ولا فيه شطط، بل هي في المجمل باحة نوافذها على الوجود مسكونة بمشاعر الحب، والانتماء إلى عالم واحد أعضاؤه نياط القلب.