أمر يدعو للفخر، ويجعلك تنام وأنت على وسادة السعادة، عندما تشعر أنك محاط بأيد أمينة تغدقك بلمسات أمومية، وتطوقك بابتسامات وردية، نقول ذلك لأن الجوانب النفسية هي أكثر من نصف العلاج، ولا يستجيب جسد المريض للأدوية التي تقدمها وجوه مكفهرة، وتصفها شفاه ملتوية، لأنه ما من مريض إلا ويواجه حالة من الخوف من المرض الذي يعانيه، لذلك فهو بحاجة إلى لغة خاصة، لغة مشبعة بمشاعر الود، والقربى، لغة حنونه ترخي شرشفاً ملوناً بالحب على إنسان جاء إلى مكان العلاج طلباً للمساعدة، والأخذ بيده، وطمأنته بأن لمرضه فرصة سانحة للشفاء ولا داعي للقلق، ومثل هذه الكلمات تتسرب إلى وجدان المريض مثل الماء البارد الذي يسري في عروق ظمآن، المريض يدخل المستشفى وقد تملكته الرهبة، والخوف من رائحة الأدوية، وأدوات العلاج التي تشبه محلات الحدادة، وإذا لم يمتلك الجهاز الطبي سيكولوجية الابتسامة، ولغة التبريد التي تنسل في فؤاد المريض كالسلسبيل، التي تكشط كل صدأ الخوف من المستشفيات، وفوبيا الغرف البيضاء، فالعلاج فن قبل أن يكون علماً، وهو مهارة فنية تسبق الأفكار، والعلوم، والفيزياء والكيمياء والأحياء.
في الإمارات مستشفيات تخلب اللب، وتجعلك تعيش حالة رومانسية مع الغرف العلاجية والتي تحتضنك، وتلف جسدك، وتأخذك إلى عوالم زاهية، وردية، فيلكية.
والغريب في الأمر أنك تدخل المستشفى فلا تشم رائحة الأدوية الحاذقة والتي تخترق الجهاز التنفسي، مثل حمض الكبريتيك الذي يفقدك الإحساس بأهمية أن تكون حياً ترزق.
الحقيقة أتمنى كل مستشفيات البلد تتمتع بهذه الإكسسوارات الرائعة، وهذه الحلي التي ترفع من منسوب الصحة العامة، وهذه الوجوه برونق الجداول العذبة، وهذه المعاملة المنسابة من بين شفاه كأنها الشهد.
نتمنى أن تتحول كل المستشفيات وليس بعضها، إلى مناطق سياحية ومنتجعات، ونجود تزدهر بالقلوب التي لا ينقبض لها شعور، ولا تغبر لها نياط.
الصحة هي التاج الذي يرصع رؤوس كل من يهنأون بالرعاية الصحية، وهي الطريق إلى مجتمع منتج، متطور، راق، يدخل بيت الحضارة من أوسع أبوابها، ويلج محيط السعادة بقوة الإرادة.
والإمارات مؤهلة لأن تكون في مقدمة الدول التي تحظي بمؤسسات صحية راقية، وقد أثبتت الفترة السابقة ريادة الإمارات في مواجهة كورونا، بل هي النموذج الذي احتذت به الدول، والمثال الذي سعت لتكراره في مجتمعاتها.
فشكراً جزيلاً من القلب لجميع العاملين في مدينة الشيخ خليفة الطبية، وكل كوادرها وطاقمها الطبي على جهودهم المبذولة، وتحركاتهم الجليّة التي تصب في خدمة الإنسان ورعاية صحته وعافيته.