كأن الشمس كورت، وكأن النجوم انكدرت، حيث كان الخبر صاعقاً، والفقدان ماحقاً، فثارت في المهج حومة الألم، في تلك اللحظات الوخيمة كان لصوت ناقل الخبر الأليم بحة تنزل على القلب نزول الجمرات على جرح دام، كان للصوت صرخة ضمير إنساني نزع الموت منه صفاءه، ورخاءه، وصارت الذاكرة تستدعي صوراً ومشاهد للمغفور له جلها مضائة بعطائه، وسخائه، ونجابة أخلاقه، ونبل خصاله، ذاكرة الإنسان في كل مكان لن تغفل ثراء القيم التي تمتع بها سموه، حتى صار في الزمان مدرسة للخلق ومثالاً للدماثة، ونموذجاً للوجدان السامي، وسوف يبقى في حياة ابن الإمارات الصوت والصيت الذي ملأ السمع والبصر، وعم الأرجاء، وما من جهة، أو صوب، إلا واسم خليفة بن زايد يرسخ في الأذهان كأنه النعيم في أحشاء السحابات الماطرة، وفي وجدان البشر والشجر، خليفة بن زايد الزعيم الذي شيد في قلوبنا محبة لا تطالها الجبال، ولا ترقى إليها النجوم، خليفة بن زايد الذي نسج في حلم الإنسان الإماراتي قماشة الفرح، وبنى في حياتنا أحلامنا الزاهية، خليفة بن زايد يغيب عن عيوننا ولكنه يبقى حاضراً في أفئدتنا، كأنه النبض، يحرك في الدماء رغبتنا في الحياة، كأنه الشريان يبث في أرواحنا حب الحياة. ولكن الأمل، يبقى الأمل أبيض، في إخوانه الذين هم من نسل الغائب الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان، طيب الله ثراه، وأبو خالد، العضيد الذي كان السند، وفلذة الكبد، والحزن إذ يملأ القلوب بفقدانك يا خليفة، فليس لنا عوض غير من أحبوك، ورافقوك في درب البناء والعطاء، هم إخوانك الذين نرى فيهم صورتك الخالدة، وابتسامتك التليدة، وصفاتك المجيدة، وسياساتك السديدة.
نم سيدي قرير العين هانئاً وأنت أديت الأمانة بفخر واعتزاز، وصنت أحلام شعبك بقيم الأبرار الميامين، والأحرار الصديقين، ونقشت أسمك على لوح محفوظ، وطرس لا يمحى حبره، ولا ينسى خبره.
نم سيدي وهذا الوطن هو الحضن، والحصن لسجاياك، وسماتك الحميدة، هذا الوطن حارسك الذي أمنت له الطمأنينة والاستقرار، وسعادة النفس، وطيب الخاطر.
نم سيدي وعين الله القدير تحرسك، رحمك الله والدنا، خليفة بن زايد، رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته، مع النبيين والصديقين، والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وألهم شعبنا الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.