منذ فجر ثورتها في 1789، حيث حطمت تلك الثورة فجاجة سجن الباستيل، ليطل الشعب الفرنسي على حريته عن قرب، وليمسك بزمام تطلعاته من دون أصفاد، وأغلال، كما أن الإمارات التي بنت رؤيتها في التسامح منذ التأسيس، وعلى يد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، وهي تتلمس تلك الخطا وتسير القيادة الرشيدة على الأثر الطيب، إيماناً وثقة بأن الحياة كالنهر، والتسامح مجراه، فإن أعقب المجرى كبوة أو علة، شاخت الموجة النهرية وتعطلت مساراتها، وجفت خطواتها.
هكذا تبدو الحياة وهي مفعمة بتسامح أهلها، وتصالحهم مع أنفسهم أولاً، ومن ثم مع الآخر، الأمر الذي يجعل من العلاقة سهلة طيعة، سلسة، مرنة لا يعوقها عائق، ولا تشوبها شائبة، لذلك نرى اليوم العلاقة بين البلدين الإمارات وفرنسا، متنامية مثل أغصان الشجرة الجذلى بما ترتوي منه من مبادئ وقيم وثوابت لا تجليها عواقب الزمن ولا تقلبات الأحداث، التي تنشأ هنا وهناك في أرجاء العالم.
علاقة البلدين راسخة مثل نهر السين، ممتدة مثل بحر الخليج العربي، واللقاء الذي سيجمع الرئيسين صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، والرئيس الفرنسي ماكرون، لا بد أنه نتيجة ود قديم ووضوح في الرؤية تجاه قضايا عديدة ومهمة لدى البلدين، هذا اللقاء هو تدعيم لعرى الروابط السياسية، والثقافية والاقتصادية التي تستند عليها العلاقات الدولية، وتقوم على أساسها البنى التحتية فيما يجمع الدول، وما يحقق قوة ومتانة الروابط بينها.
اليوم وبفضل السياسة الحكيمة استطاعت الإمارات أن تبني وشائج ذات أنامل ببصمات الحنكة، وفطنة التعامل مع الآخر في حضور الوعي بأهمية احترام سيادة الدول، ومصالحها، وآمالها، وتطلعات شعوبها، هذا الإدراك هو ما جعل الإمارات في مكان الثقة بالنسبة للعالم، وهذا ما جعل هذه الثقة تكبر وتنمو لأن الإمارات لا تبني علاقاتها على الأنانية بقدر ما تقوم هذه العلاقات على بناء صروح السلام والأمن والاستقرار، في جميع أنحاء العالم، وفي كل مناسبة ومحفل ترفع قيادة الإمارات، راية الأحلام الزاهية وتنشر عبير مبادئ التسامح في ربوع العالم، بإيمان وإدراك لمعنى أن يعيش الوجود البشري في أمن وطمأنينة، ليخرج أطفال العالم إلى مدارسهم وهم يحملون حقائب الدرس، وليس أواني البحث عن لقمة فقيرة. هذه قناعة القيادة في بلادنا، تعميم الحياة الباذخة، وتوسيع دائرة الأمن الغذائي، ورفع حالة النقاء البيئي، وجعل الطاقة ترياق شفاء، وليس مخلب داء.
هذه هي الكلمة الملونة بالحب التي تتربع على شفتي صاحب القلب الكبير، وهي الرونق الذي تميزت به قيادة الإمارات منذ عهد الراحل الكبير زايد الخير طيب الله ثراه.