تلقيت العديد من الرسائل الإلكترونية لقراء تفاعلوا مع ما ورد في هذه الزاوية أمس الأول، حول ممارسات «الطب» الذي تحول إلى «تجارة» بكل معنى الكلمة على يد بعض تجار الطب في مراكز وعيادات القطاع الصحي الخاص. 
كل رسالة تعرض ممارسة من الممارسات غير الصحية التي تجري في قطاع يفترض به وفي العاملين فيه رعاية مراجعيهم والاعتناء بهم وبصحتهم وإعطائهم الأولوية، وليس فقط الاهتمام بهم وفق نوعية التأمين الصحي الذي يحملون. لا أحد يطلب من تلك العيادات والمراكز الطبية أن تكون جمعيات للبر والإحسان، وإنما إظهار الحد الأدنى من المسؤولية المجتمعية والأخلاقية لمهنة سامية.
أحد الإخوة القراء أشار في هذا الإطار للهدر الذي يجري فيما يتعلق بالأدوية جراء سخاء تلك الفئة من «تجار الطب» في صرف العقاقير، حيث تجد الطبيب قد أدرج في وصفته أدوية تحتوى أعداداً كبيرة من الأقراص تكفي شهراً، بينما لا تتعدى الفترة المقررة لتناولها وفق العلاج المقرر مدة ثلاثة أيام. وهكذا يجد المريض منزله وقد تحول لصيدلية مصغرة من جراء تراكم الأدوية.
في أحد المراكز الطبية المعروفة تجد الأطباء يحثون غير القادرين على الالتزام بنظام غدائي صحي، يحثونهم على استخدام أقراص لخفض الوزن وبأعداد كبيرة، كما تجدهم يصرفون للمرضى علباً عدة لأقراص الحديد، بينما الجرعة المقررة- على سبيل المثال- قرص شهرياً، نماذج لا تعد ولا تحصى لمثل هذه الممارسات ذات الطابع التجاري البحت، ومع ارتفاع أسعار الأدوية يمكننا تصور حجم الضغط أو النزف المالي الناجم عن الأمر.
تسببت هذه الممارسات التجارية في ظهور سلوكيات غير صحية لدى العديد من الأفراد- كما ذكر بعض القراء- وفي مقدمة تلك السلوكيات قيام بعضهم بتطبيب نفسه بفائض تلك الأدوية، اعتقاداً منه بأن أعراض المرض الذي سبق له التعافي منه بتلك الأدوية قد عاودته وبالتالي يمكنه استخدامها مجدداً طالما أنها موجودة في المنزل وبصورة تغنيه عن مراجعة الطبيب. ممارسة تنم عن جهل ولكنها موجودة عند بعضهم غير المدرك لخطورة مثل هذا التصرف على صحته وحياته.
وهناك فئات لا تعرف الطريقة الآمنة للتخلص من فائض الأدوية الموجودة في الدار، فتقذف بها في حاويات النفايات لتولد مشكلة جديدة، على الرغم من الجهود المحدودة لبعض الجماعات الخيرية لجمع الفائض غير المستخدم. ممارسات سلبية عديدة ومتنوعة نتاج جشع «تجار الطب» أولاً وأخيراً.