في أول يوم بعد عودته من إجازته هبط من شقته متحمساً إلى حيث ترك سيارته لينطلق بها إلى عمله ليفاجأ بأنها غير موجودة، أربكته المفاجأة وذهبت به الأفكار بعيداً قبل أن يتصل بالشرطة التي يبدو أنها معتادة على مثل هذه الممارسات من «مواقف» فطلبوا منه الاتصال بهم، ليكتشف أن «مواقف» قد سحبت السيارة وحررت له مخالفة استخدام مواقف «السكان» - وهو منهم - ولكن تصريحه انتهى، وقد كان يعتقد أن مهلة الشهر السابقة لا زالت متاحة، ولكن ألغتها إدارة «مواقف» دون إشعار المتعاملين معها! وبدون أي مبرر أو تقدير لطبيعة عمل الدوائر والجهات الأخرى التي تتولى تمويل وسداد إيجارات السكن للعاملين لديها، والتي تستغرق وقتا.
وبعيدا عن «دوخة» متابعة فك الحجز وسداد المخالفة، كنت أتمنى من إدارة «مواقف» الاستفادة من الحلول الذكية لشرطة أبوظبي الحريصة على التعامل مع جمهورها بكل رقي واحترافية، تتواصل معهم عبر الرسائل النصية أولا بأول لإبلاغهم بقرب انتهاء تسجيل مركباتهم، وبعد الانتهاء تمنحهم مهلة شهر للتجديد، والأهم من ذلك تنفذ عملية الحجز الإلكتروني للمركبة في موقف ودار صاحبها بدلا من سحبها في مشهد غير حضاري، وفي الوقت ذاته يضيف زحاما وإرباكا في المواقف العامة.
كما أن شرطة أبوظبي توظف منصاتها في وسائل التواصل الاجتماعي وكذلك خدمة الرسائل النصية للتواصل مع الجمهور لإطلاعه أولاً بأول على أية مستجدات، حتى الشواخص الإلكترونية على الطرق الخارجية تحرص على توظيفها لتلك الغايات التوعوية وبالذات عند تقلبات الطقس ووجود أعمال طرق وغيرها.
لم يكن ليكلف إدارة «مواقف» شيئا لو أنها اعتمدت - كشرطة أبوظبي و«الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية»- طريقة التذكير عبر الرسائل النصية لمتعامليها لإشعارهم بقرب انتهاء التصريح، فذات البرنامج الذي يبلغ المتعامل بتحرير مخالفة بحقه، يمكن برمجته لإرسال إشعارات انتهاء التصريح الخاص بموقف المتعامل للسكان وغيرها من الإشعارات التي ترى أنها مهمة لضمان حسن العلاقة بين الطرفين. أما منطق النظر للمتعامل بأنه الطرف الأضعف والمضطر لسداد المخالفة لأن «مواقف» هي الطرف الأقوى الذي يستند للقانون والغرامات وشاحنات السحب وفرق المفتشين، فتلك نظرة لا تنسجم مع رؤية قيادة ودولة استحدثت «إسعاد المتعاملين» وتفردت بها، وعلى «مواقف» إدراك أن الخدمة الحضارية المطلوبة ليست فقط تحصيل غرامات وتنمية عائدات، بل رؤية حضارية وجودة حياة أبعد من ذلك بكثير.