قبل أكثر من خمسة وثلاثين عاماً تابعت كلمة قالها معالي الفريق ضاحي خلفان تميم، نائب رئيس الشرطة والأمن العام في دبي وكان وقتها قائداً لشرطة الإمارة، ما زالت أصداؤها تتردد مع كل مرة ترتفع فيها الأصوات مطالبة بوقف تدفق السياح على البلاد عندما فتحت أبوابها لهم. قال معاليه حينها «إذا كنا كمسؤولين للشرطة لا نستطيع صون الأمن في بلد بحجم بلادنا فالأفضل أن نذهب إلى بيوتنا».
نفس الجدل يتجدد اليوم في أعقاب حوادث محدودة لا ترقى لمستوى الظاهرة للسطو باستخدام السلاح الأبيض أو السواطير من بعض الأفراد الأفارقة، والذين يسمونها «البانقا» ومسميات أخرى للطريقة الشائعة الاستخدام لديهم، وقد كان آخرها واقعة سرقة بالإكراه لمحل بمنطقة الدقداقة في رأس الخيمة تحت تهديد «البانقا»، وقد نجحت شرطة رأس الخيمة في القبض عليهم خلال أقل من ساعتين بما يؤكد مجدداً الكفاءة العالية والجاهزية التامة للعيون الساهرة في أجهزتنا الشرطية والأمنية لننعم جميعاً بواحة الأمن والأمان التي تمد بظلالها الوارفة على الجميع.
نعود لموضوع النقاش الصحي والإيجابي حول السياحة وقد أصبحت اليوم من ركائز اقتصادنا الوطني، وهناك دوائر في أغلب الإمارات مسؤولة عنها بعد أن كانت مجرد أقسام صغيرة، بل هناك اليوم دعوات لإنشاء وزارة اتحادية للسياحة تشرف عليها وتنسق أعمالها ومشاركاتها الداخلية والخارجية.
الجهود يفترض أن تتجه لمعالجة قضية العمالة السائبة التي تدخل للبلاد بتأشيرات الزيارة أو السياحة وتتحول لقنابل موقوتة بعد أن تضيق أمامها السبل، وبالذات من بعض الجنسيات الأفريقية فنجدها تمتهن أعمالاً هامشية كبيع المياه عند التقاطعات أو غسيل السيارات أو توزيع «كروت المساج» ليتطور الأمر لأخطر من ذلك باللجوء إلى «البانقا» لسد احتياجاتهم وجني الأموال بسرعة.
نظام التأشيرات التي تتاجر بها بعض شركات الطيران ومكاتب السفر يفترض معه تمييز السائح أو الزائر الحقيقي الذي يمثل دخلاً تستفيد منه القطاعات السياحية والاقتصادية كالفنادق والمراكز التجارية وتأجير السيارات وحتى السياحة العلاجية، وبين الزائر من النوعية الأخرى الذي يتحول لعالة على المجتمع وينتهي به الحال للأعمال الإجرامية، هذا إن لم يكن أصلاً قدم للبلاد لأغراض إجرامية.
هذا هو التحدي الذي يجب التعامل معه لمنع سوء استغلال واستخدام قرارات وإجراءات الدولة لجعل الإمارات الوجهة العالمية المفضلة للعيش والإقامة والعمل والسياحة. حفظ الله الإمارات ومن فيها وعليها، «ربِّ اجعلْ هذا البلدَ آمناً».