في ظلام العالم تبدو الإمارات شمساً مشرقة، تبدو في سماء الصهد، والعهن، ملحمة الضوء وقيثارة المد الإنساني في كل مكان، وكل زمان.
بعد أن هدرت الطبيعة في سوريا وتركيا، فدمرت وهدمت ويتّمت وشردت، وحطمت أواصر، فإذا بالإمارات تهب رياحها لتطرد الضباب، وتمنع اليباب، وتردع العذاب، وهي في الغياب حضور، وفي السراب حبور وفي حومة الوغى درع، وحصن، وحضن.
مذ بدء الكارثة الطبيعية التي ضربت الأشقاء في سوريا وتركيا، كانت الإمارات حاضرة بشبابها، وفرسان الهبات الطويلة، تساعد، وتساهم، وتقف على أوجاع المبتلين فتشمل، وتعضد، وترخي جدول الخير على كل من لحقه الضرر في هذه الملمة العصيبة، ولم تزل طائرات الإغاثة تحمل من خيرات العطاء الجزيل ما يداوي الهموم، ويضمد الجراح، ويفتح نوافذ للابتسامة على شفاه المكلومين، ويفسح لبريق الفرح كي يتشقشق عند خد ووجنة، ولا مجال لترك من هاموا في غيهب الأسى يبحثون عن أخوة في الإنسانية، يكابدون قسوة الطبيعة، ويواجهون البرد القارس وفراق الأحبة وكل من ذهبوا بعيداً جراء الكارثة الرهيبة.
الإمارات لا تتوقف جداولها عن إرواء المحتاجين، ولا يجف معينها عن البلل، ولا تشيح عن سائل ولا معوز، لأنها منذ فجر التأسيس على يدي الباني المشيد لهذا الصرح العظيم، وهي تتوجه بالحسنى لكل من أضرت به الطبيعة، أو خذلته السياسة، الإمارات هي هكذا في صف المحتاجين، ومع البؤساء حين تشح الأرض، وتبخل الطبيعة، وتكفهر السياسة، وتصبح الحاجة ملحة للعون، والغوث، تكون الإمارات في مقدمة الصفوف، تكون الإمارات العين الساهرة على آلام المكبلين بجروح العوز المسربلين بآلام التيه.
الإمارات يد تمد، وقلب يحتضن وروح تتضامن، ونفس تواسي، والسحابة اللدنة مستمرة في النث، والحث، وبث روح الأمل في قلوب كل من صدمته صاعقة الحاجة وأرهقه الفقر، وأورام الأيديولوجيا البائسة.
لقد لاقت هبة الإمارات تعاطف العالم مع هذا النبل وهذه النجابة، والنفوس الرضية.
القيادة الرشيدة وضعت كل الإمكانيات بتصرف المحتاجين والهلال الأحمر الإماراتي بزغ بسرعة البرق في البلدين الشقيقين، وأنار الأرض هناك بمعطيات لا يشبهها إلا هي، في الفضل، والجزل، وبسط سجادة الود، ليستريح المتعبون، وتهنأ نفوسهم بعد ارتعاد الفرائص جراء الزلزال الفظيع والذي راح ضحيته الآلاف من بني سوريا وتركيا.
الهلال الأحمر الإماراتي يَنَع هناك في موقع الأحداث، ويفَعت أغصانه، وأصبح في القلب والعقل بين من يعانون الألم، ويقاسون الحرمان، هلالنا استدار، وأدار موقفه بجدارة أبنائه، فرسان الإمارات وجياده الكريمة، هؤلاء عيال زايد، وخليفة، ومحمد، هؤلاء نسل الطيبين، هناك في قلب الحدث يلبون النداء بأريحية النفوس النبيلة.