الناس في أبوظبي فراشات تؤم حقول الأمان، وتمضي حقباً في السلام والوئام، والليل أبيض تكسوه مصابيح الفرح شعاعاً، والنهار الذهبي يزخر ببريق الطمأنينة، والحياة تحت سقف السماء الزرقاء، والأرض المعشوشبة بثقافات كأنها الفسيفساء على رخام منازل السكينة.
والوجوه كأنها النجوم تسرد قصة الصفاء في تاريخ الخليقة، والعيون عيون ماء وعيون نبع وعيون الأهلة وهي تبعث بالبريق إلى حيث تكمن الحقيقة الإنسانية. الاستبيان الذي صدر عن دائرة تنمية المجتمع بأبوظبي، والذي شارك فيه 82761 من أفراد المجتمع، أسفر عن أهم مؤشر، وهو أن 93.5% من سكان أبوظبي يشعرون بالأمن والسلامة.
هذه نبذة من فصول حياة تمر هنا، وتملأ القلوب ترفاً، والنفوس ترتع في بساتين السعادة، كأنها الغزلان جذلانة، هيمانة بحياة يندر أن تحدث في مكان آخر.
ليست هذه مبالغة، ولا تمادٍ في استخدام الأبجدية، هي هكذا أبوظبي، وهي هكذا الإمارات بصورة عامة، بنيت على الكلمة السواء، فشاع على ربوعها الأمن، ونثرت السعادة ورودها على الثغور، وأصبحت الوجوه مساكن الحبور.
وأنت تقرأ مثل هذه التقارير والاستطلاعات لا تشعر بالدهشة؛ لأنك قبل التقارير والاستبيانات اتخذت قرارك، ووعيت بما يحدث، واستأنست بالمشهد الحضاري الذي ينعم به المواطن والمقيم على حد سواء، وهذا واقع وليس مرام قصة أو فعل خيال.
أبوظبي اليوم تقاد بوعي مبناه ومرماه أن الأوطان لا تنهض إلا بسواعد الذين يعون بأن الوطن هو بيت الجميع، وأن العناية بأمنه، والرعاية بشأنه، والحماية لسكنه، مسؤولية كل من الحاكم والشعب، ومن يتخلى عن دوره، إنما يفتح بوابة الجحيم على الجميع.
هذه قاعدة وجودية، وهذه ثيمة الوجود، فمن يريد الأمن، عليه أن يبدأ بنفسه، وألا يفرط بسلام النفس أولاً، ومن ثم سلام الوطن، وكلاهما يكمل بعضهما، ولا فواصل تحجب الإنسان عن الوطن، وفي نهاية الأمر الوطن هو منزل، وهو منهل، وهو الرمش والمقل، هو البدء، وهو الأزل، هو الأبجدية في الحب، وهو العشق والرمق، هو الرونق في عيون العشاق، هو النسق، هو المهارة في تفنيد تفاصيل الأحلام، هو الحدق، هو الروعة في ضمير المخلصين، هو الجملة المفيدة في رواية التاريخ وكتابة التضاريس.
هكذا بدأت الحكاية في أبوظبي، وهكذا رسمها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فكانت في البدء فكرة، ثم دبرة، ثم خبرة، ثم تجربة نهاية السطر، ثم بث الخبر، ثم بروز أعظم بلد على وجه الأرض، بما تتبع به بلادنا من أحلام الطفولة، وخيال الطير، ورفرفة الأشجار.