لا شيء يحاكي شعورك كصحفي عندما تجد نفسك أمام شخصية بوزن بابا الكنيسة الكاثوليكية، في أول حوار من نوعه يجريه مع إعلامي من الشرق الأوسط.
فيما بعد، عرفت أيضاً، أنّ هذه المقابلة تعدّ الأولى لقداسته بعد إجرائه عملية جراحية تكللت بالنجاح، في تعبير منه عن مدى تقديره لبلادنا ومنجزاتها الإنسانية والأخلاقية والتنموية.
كان اللقاء مهيباً، وعلى قدر الهيبة، كانت السعادة بتأكيد قداسته أن الخطى تتسارع نحو نشر وتطبيق مبادئ «وثيقة الأخوة الإنسانية» التي كتبت وثيقتها الخالدة هنا في أبوظبي، وأنه يقدّمها إلى جميع الوفود التي يستقبلها في الفاتيكان، بعد أن خرجت من الإمارات للعالم متّسقة مع السياق التاريخي والإرث الثري لبلادنا المحبِّة للسلام.
كان لافتاً في حديث قداسة البابا إعجابه بـ«بيتنا المتوحد»، وقيادتنا التي نجحت في بناء مجتمع متسامح، يقبل التنوع، ويحترم اختلاف الآخر، وأسست نموذجاً للاعتدال السياسي والانفتاح الثقافي.
وعلى كل حال، فقد كانت مقابلة البابا لقاءً تقديرياً لمشروع الإمارات الحضاري القائم على الوسطية والاعتدال واحترام الاختلاف، ولسمعتها العالمية في بناء قواعد الحوار بين الأديان التي أسسها الراحل الكبير المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ويرعاها أبناؤه من بعده، وقد جعلوا من العيش المشترك مشهداً عفوياً لا تخطئه عين، ورسالة إماراتية مكتوبة بمنظور إنساني مليء بالقيم الإيجابية التي تكسر الحواجز، وترتكز على التعاون والتلاقي لا الصراع والتناحر.
سيرتفع بنيان التآخي الإنساني في بلادنا كل يوم، وسيتعمّق اعتدالنا وتسامحنا وخطابنا العقلاني، وستبقى الإمارات مركزاً عالمياً للأخوة الإنسانية، يحضّ على التآخي والتعاون بين بني الإنسان، ويحث على عمارة الأرض، وصلاح الكون، وبناء الجسور والتلاقي، وتغليب المصالح المشتركة على النعرات الدينية.. ودامت بلادنا بخير.