ما شغل عائلة كرة القدم العالمية في الآونة الأخيرة، والكل يترقب ما سيحدث في سوق الانتقالات بوصفته الصيفية، شيء أكثر من الدخول القوي للأندية السعودية إلى السباق من أجل انتداب كبار النجوم، فقد جرت العادة أن تضم هذه الأندية مستويات ثانية وثالثة للمعروض من لاعبين من كل القارات، لكن هذه المرة اختلف الأمر، إذ تغيرت النظرة وتبدل الطموح، وأصبح المبحوث عنهم في سوق العرض، لاعبون بقيم فنية كبيرة جداً، وبسيرة إبداعية جذابة، وتلك مقاربة جديدة في التزود بالنجوم في «الميركاتو الصيفي»، مقاربة ربطها البعض بالرؤية الإستراتيجية للمملكة التي تجعل من سنة 2030 سقفاً موحداً تتطلع إليه العشرات من البرامج الضخمة، الإنمائية والاقتصادية والرياضية، واعتبرها بعضهم الآخر شروعاً في قلب الموازين وتكسير القواعد والتقاليد.
ويمكن أن نسمع الكثير من الهراء والإسفاف الذي يصدر عن أنفس مريضة، عن أناس يعتقدون للأسف أنهم حماة القيم، وبناة المدن الفاضلة والأوصياء على أخلاق صمموها على مقاسهم، وعلى أعراف كروية لا تحمى سوى مصالحهم.
ما حرك مجيء «الدون» كريستيانو رونالدو إلى نادي النصر السعودي خلال «الميركاتو الشتوي» الأخير الكثير من فضول الإعلام الغربي، فقد بدا ذلك أشبه بسحابة عابرة لا تمطر.
بدا حضور «صاروخ ماديرا»، حدثاً معزولاً ظن البعض أنه عبارة عن نزوة، ولو أن مجيء أسطورة البرتغال لنادي النصر سيحقق أرقاماً مدهشة على مستوى المتابعة والاستقطاب، فالرجل يجر وراءه شعباً بكامله من المعجبين. ما فطن أولئك، إلى أن انتداب «الدون» كان أشبه بـ «ومضة» برق، تنبئ بأن ما سيحدث بعد ذلك سيبهر العالم، وسيخرج بعض الإعلام الأوروبي وبعض المتقوقعين في جحورهم عن صوابه، فمع حلول «الميركاتو الصيفي»، تحركت السعودية بشكل مثير للدهشة، لتجعل من دوريها فضاءً لاستقطاب نجوم العالم، عشرة منهم حرروا عقود الإبداع بالدوري السعودي، بينهم كريم بنزيمة، خاليدو كوليبالي، نجولو كانتي، إدوارد ميندي، روبن نيفيس، ومارسيلو بروزوفيتش، وعشرة آخرون يجري التفاوض معهم، بينهم بيرناردو سيلفا، دي خيا، رياض محرز، حكيم زياش، سيكو فوفانا، رافينها وجوتا.
لا شيء من هذا يحدث بالمصادفة، كل شيء مصمم بدقة متناهية، بل بطريقة متناغمة، فالهدف الأكبر والأسمى، هو جعل الدوري السعودي من حيث المتابعة والمواكبة الإعلامية وعشق المشاهدة، مزاحماً بل ومنافسا للدوريات الأوروبية الخمس الكبرى، وذلك ليس إلا جناحاً من أجنحة كثيرة ستنقل السعودية إلى فضاء، يظن الأوروبيون أنهم محجوز لهم فقط.