هكذا نفهم دور المعرفة في تاريخ البشرية، فقد قال الفيلسوف الأغريقي بروتا غوراس: إذا كان العقل مستبداً، فالصحوة مستحيلة.
هذه قاعدة علمية، سارت على نهجها أمن وحضارات، ومن تخلف عن الركب، ظل في الحفر العميقة.
اليوم الإمارات حباها الله بقيادة استدلت على الطريق القويم، مستنيرة بوعي فطري، متأزرة بإرث تاريخي، متداول عبر الأجيال، وعندما نتأمل المشهد في بلادنا نشعر أن ما يحدث ليس وليد الصدفة، لأنه لا شيء يحدث بالصدفة، لأنه حتى الصدفة نتيجة التقاء سلسلتين من الحتمية، وحتمية النهوض الإماراتي نابع من وعي القيادة بأهمية أن نكون سباقين في رقينا، استثنائيين في إنجازاتنا، متفردين في عطائنا، لأن الإمارات كالصقور، تحلق منفردة، متسربة في الوجود كأنها حلم الأبدية، ذاهبة إلى المدى كأنها السحابة الممطرة، متناغمة مع الأفق كشعشعة البرق، منسجمة مع النجوم، وكأنها الطير في أوج تألقه، فلا مكان للتوقف، في العقل الإماراتي، لا منطقة للحياد في مجال المعرفة، فكل الآفاق مفتوحة على الفضاء، وكل النوافذ تطل على الجهات الأربع، وكل الطموحات تمضي كأنها الموجة وهي تمشط جديلة السواحل، وتغني للوجود، وكل التطلعات ممزوجة بعطر البحر، ورائحة الصحراء، وما بين البحر والصحراء، خطوات امتدت باتجاه ربوة، أو موجة، والهدف هو قطف ثمرة الفوز بمجد، بعد جهد.
هذه هي الإمارات، هكذا وجدت نفسها عند مقود قطار العالم، تسدد الخطوات نحو غايات لا حدود لطريقها، ولا نهاية لدروبها، فالرحلة وجودية قبل كل شيء، والوجود يستدعي منا أن نكون الأول في مختلف الميادين، وفي المنصات العالمية نكون نحن الأغنية الأجمل، نحن الصوت الشجي، يطرب كل من لديه أذن تسمع، ومشاعر عناقيد النخلة، كلما لامستها، أرخت عذوق اللذة، مدت كفوفاً خضابها عرق البذل، من أجل عالم يستمد حياته من لمعة البرق في غضون وتلافيف تسكن المهج.
هذه هي الإمارات، بحكم جبلتها المعرفية، وجدت نفسها في الفصل الدراسي الأول، في مدرسة تعليم أبجدية التقدم الحضاري، وأسس التوجه إلى الحياة بابتسامة النصر، على المعوقات، والكبوات، والعثرات، ولا قوة تهزم التخلف سوى قوة المعرفة، وصدق الفيلسوف الانجليزي فرنسيس بيكون حينما قال «المعرفة قوة» وها هي الإمارات تحث الخطا نحو قوة المعرفة، وتدعو الجميع، لحضور مائدة الحياة، تتصدرها المعرفة، كسمت لإقامة عالمٍ خالٍ من براثن التخلف، والضعف، والفقر، والكراهية، ودمعة تخر على الخدين، حسرة على فقدان المصير.