- الطيبون يرحلون مبكراً.. تاركين أصداءهم وظلالهم تخيم على المكان وقلوب الناس، وذكرهم يتبع نسمة الريح كلما طروا على البال، واحتاجت أرواحهم لكلمة خير وعطر طيب من الناس، لأنهم هكذا كانوا في دنياهم، منبع الخير والبركات، الطيبون يرحلون مبكراً تاركين حسرة تئن منها الأضلع، وفراغاً في الصدر إلا منهم.
- لقد فجع ليل الإمارات قبل أيام بخبر رحيل الشيخ سعيد بن زايد، في غفلة باغتت الجميع، كان ورود ذاك الخبر المؤلم، بمثابة دوي ما صدقه الكثير، حيث لم يمضِ على رحيل أخيه الشيخ خليفة عام، حين ودعنا قائدنا والدمع لم يجف بعد، وكأن الفواجع لا تأتي فرادى، غير أنها أقدار الحياة وصنوفها وتدابيرها لا نملك تجاهها غير كثير من الصبر والصلوات، وتذكر قلب قائد لا يعرف إلا الخير وجلب السعادة لأهل بلاده ومن يسكن فيها، قائد نتعلم منه معنى الصبر، وكيف يقف الرجال حيال الأمور التي تجعل دمع العين قليلاً، وحسرة القلب أخف وطأة، والرزء الجلل قوة تعضدنا على الحياة ومجالدة تقلباتها من أجل أجمل ما فيها، وهو الحب والأمل والعمل.
- مآثر الشيخ سعيد كثيرة وجليلة في الحياة، على المستويين العام والخاص، فقد شهدت له أماكن ووظائف عديدة تقلدها طوال حياته، وإن كانت له بصمات بارزة وظاهرة على رياضة الإمارات خلال رئاسته لاتحاد الكرة أو قيادته لدفة نادي الوحدة، وإعداده ليكون في صدارة أندية الدولة مع شقيقيه الشيخ نهيان والشيخ ذياب، والقلعة العنابية شاهدة على ذلك الحب والعمل والانتصارات، والجماهير الوحداوية ستظل تتذكر ذلك المكان الخالي للشيخ سعيد في أعالي مدرجات ذلك الاستاد الرياضي، كل العزاء والمواساة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الذي منه دوماً ما نتعلم معنى الصبر على فقد الرجال، وهو الذي ودع خمسة من إخوته، سنده وعضده، فمثله الذي يخلق فينا الابتسامة، جدير بأن لا تفارق وجهه الابتسامة، وإن شاء الله خاتمة أحزانه، والعزاء لإخوانه الشيوخ، وأشقائه الشيخ نهيان وذياب وفلاح؛ لأن فقد الأخ يعني أن جزءاً من جدار المنزل قد اهتز، وأن فراغاً صعب أن يسد، لكن كل الخير والبركة في أنجاله الكرام، فهم حس أبيهم، وهم ذكره الطيب الباقي.
- بعدما شيعت الإمارات الشيخ سعيد بيوم، تلقينا نبأ وفاة رجل طيب آخر «سيف حمر عين»، كان «أبو راشد» يجمع الكل على المحبة والود والكرم وفعل الخيرات، ومجالسه يتخالف عليها الكبير والصغير في البلاد وخارجها، كان محط الضحكة والفرح والبسمة الدائمة، كل العزاء لأبنائه الكرام، ومحبيه ومجالسيه الكثر، فمكان «أبو راشد» من الصعب أن يكون خالياً، ومن الصعب أن يملأه أحد غيره بتلك العفوية والبساطة والطيبة الدائمة.