إنها النموذج الحي لعلاقة الإنسان بالإنسان، وعلاقتهما بالوطن.
إنها الميزة التي تتشح بنطاق الرزانة، وصيانة البوح من الشعارات الصفراء، والأفكار الرمادية.
فالكل ذاهب إلى صناديق الانتخاب وقلبه معلق بحب الوطن، وحفظه من الضجيج، وزبد البحار الهائجة.
الكل يقف متبتلاً يرتل آيات الصدق والإخلاص، وصون العهد، والإيفاء بالوعد، ولا هدف إلا الكتابة على سبورة التاريخ بأننا جميعاً صوت الوطن، وأغنيته الأنيقة عبر حناجر أكدت أن الحياة أغنية، وأن الوطن قيثارة هذه الأغنية، وأن الجميع يمثلون أفراح الطير وهو يصفق بأجنحة العفوية، من دون تكلف، ولا تزلف، ولا تحريف، ولا تزييف لمسيرة أمضت خمسة عقود من الازدهار، وقروناً من التكاتف والتضامن والانتماء لوطن الألفة والمحبة.
فشكراً لهذا الوطن الذي زرع وأجاد في الغرس، فحصد شعباً يمثل الأسرة الواحدة، ويعبر عن شوق واحد، هو شوق لحرية الإنسان، وحبه للآخر، كما حبه لنفسه.
هذه ثيمة وطن أسسه عبقري طلع بدره من أتون الصحراء، فتشقشق نوره على القلوب، فأنار الصدور بنور الشفافية، فحلقت الطيور جذلانة، ريانة بعشق الهوى والهواء الرحب، هكذا نرى المشهد، وهكذا نشعر أننا أمام احتفال رسمي وشعبي بنهضة وطن، ووعي أهله بأهمية أن نكون صفاً واحداً كالبنيان المرصوص، يشد بعضه بعضاً، ويذهب للمستقبل بثقافة الوعي، واستنارة العقل، والتنوير المطلوب.
هكذا نرى الحياة في بلادنا، ترفل بثياب العرس الوطني، والاستبرق يضيء المكان والزمان، والأحلام كأنها الأجنحة، ترفرف بريش مترع بألوان السرور والحبور، ولا شيء يوقف تدفق النهر الإماراتي العظيم، لأنه يهبط من علو الشامخات، السامقات، الباسقات، الراسخات، الملهمات، المبهرات، المدهشات، القابضات على جمر الهوى، والعشاق بشر من بني البحر والصحراء، تلاقت أذرعهما عند ناصية التاريخ، فكتبت رواية الوطن بحبر من عرق، ويراع من ندى الجباه الكريمة.
هذه سيرة وطن، هذه حكاية شعب، هذه فكرة الباني المؤسس، طيب الله ثراه، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على أثره ومآثره الجليلة تسير خطوات القيادة الرشيدة، والعيون منصوبة باتجاه الوطن والمواطن، والقلوب تنبض باسم الحياة الكريمة لكل من يمشي على هذا التراب الكريم.
هذه جبلة وطن نما وترعرع على مبادئ تشع بنور المصابيح السماوية، وترسل نورها للدجى كي يستنير العالم، وينام مستريحاً من دون ضغائن ولا شحناء.
هذه قبلة وطن، أنها أندى من رقرقة الأوراق الندية، وهي أعذب من شفاه الأنهار، لأنها قبلات من وحي العبارة الأصيلة التي قالها الباني المؤسس، الإنسان أولاً، والوطن هو جناح الطير الذي يرفع من شأنه، وفنه.