هذا حديث عن «سلعة» المقارنة، بين نجوم، وبين فرق، وبين منتخبات، وبين أجيال، وبين عصور، وأوحى لي بهذا الحديث، ما طرحه الصحفي الإسباني جريمي ماكفريسون قبل  كأس العالم 2014، وذلك في تحليل له بصحيفة الهيرالد البريطانية، حيث سأل: هل يمكن إيقاف أسطول الأرمادا الإسبانية على شواطئ البرازيل؟!
وكانت إسبانيا سيدة اللعبة في تلك الفترة، فهي بطلة كأس العالم 2010، وبطلة أوروبا 2012، وبرشلونة تحت قيادة جوارديولا تُوج فريق العقد الأول في القرن الحادي والعشرين، وينافسه ريال مدريد على بطولة أوروبا، وهكذا حتى إن الأندية الإسبانية بدت أنها لا تقهر.
أسطول الأرمادا كان فخر البحرية الإسبانية بالقرن السادس عشر، وخاض حرباً شرسة عام 1588 مع الأسطول الإنجليزي، بأوامر من فيليب الثانى ملك إسبانيا، وتحطم نصف الأرمادا المكون من 130 سفينة حربية وقتل نصف جنوده وكان مكوناً من 30 ألفاً.
وكانت نتيجة منتخب إسبانيا على شواطئ البرازيل شبيهة بما جرى لفخر البحرية الإسبانية في القرن السادس عشر، خسر الفريق أمام هولندا 1-5 وخسر أمام تشيلي صفر- 2، وفاز على أستراليا 3- صفر، وخرج من الدور الأول للبطولة.
عندما كانت إسبانيا بطلة العالم وأوروبا، فتح هذا الانتصار شهية المقارنة بين الإنجازات التاريخية لأعظم المنتخبات والفرق، ومنها مقارنة حول جيل البرازيل من 1958 إلى 1970 وبين جيل إسبانيا من 2008 إلى 2012.. أيهما الأفضل؟ والمقارنة بين الأجيال «سلعة إعلامية»، وكذلك المقارنة بين النجوم، وبين البطولات، وبين الأجيال. 
ومن تابع تاريخ كرة القدم ونتائجها يتعرف على إنجازات مختلفة لأجيال مختلفة في أزمنة مختلفة، وتضم القائمة على سبيل المثال المجر من 1950 إلى 1956، والبرازيل من 1958 إلى 1970، وألمانيا الغربية من 1972 إلى 1976.
وبالنسبة لفرق الأندية، تُوج برشلونة نجماً للفترة من 2008 إلى 2012، فيما تربع ريال مدريد على القمة من 1955 إلى 1960 ثم في سنوات 2016 و2017 و2018، وسلتيك الأسكتلندي من 1967 إلى 1970 وإيه سي ميلان في الفترة من 1988 إلى 1995، ومانشستر يونايتد عام 1999، وأرسنال من 2002 إلى 2004.. وأضيف أياكس أمستردام الهولندي في الفترة من 1970 إلى 1973، ومنتخب هولندا من 1974 إلى 1978.. ومنتخب الأرجنتين 1986.
سلعة المقارنة طالت أيضاً بيليه ومارادونا، ثم مارادونا وميسي، وميسي وكريستيانو رونالدو، ولم يترك الإعلام شيئاً لم يضعه في موضع المقارنة.
وأقف هنا أمام أبطال الألعاب الفردية والرقمية، ويمكن تصنيف أفضلهم وفقاً لإنجازاتهم ورصيد ميدالياتهم وأرقامهم، بجانب درجات الابتكار والإبداع.
لكن كرة القدم ليست عنصراً ثابتاً يمكن القياس عليه، فهي لعبة جماعية متغيرة، وتطورت أساليبها وخططها وسرعتها.
 لو لعب مانشستر سيتي بطريقته وأسلوبه مع منتخب المجر العظيم في الخمسينيات مباراة، فإن رفاق بوشكاش وهيديكوتي لن يجدوا الكرة طوال 90 دقيقة!