عجلة تدور، فكرة تضيء، عشق وقضية الرأس والقلب والوجدان، سيناريو الحياة. السينما هي الفن الرفيع والدرب الطويل، ثم عهد لتبني قضايا الناس والمجتمع. السينما ليست مهرجانات تتبارى فيها العروض الخاصة والعارضات بفساتينهن، والذين يستعرضون بذلاتهم وأثوابهم من المحتفلين أمام لمعان عدسات التصوير. طريق السينما طويل جداً، يصعب السير فيه، مثل المشاعل التي تحتاج لوقود دائم ليستمر اشتعالها، تحتاج لقلب عاشق ومؤمن بأن المسافة بعيدة بين نقطة البدء والطريق الذي لا نهاية له. تحتاج لكتابة نصوص مبدعة لا ينتهي تدفقها، ثم أدوات تحول هذه النصوص إلى عمل سينمائي مبدع. السينما تحتاج لدعم مادي قوي حتى تستمر في العطاء والتألق، قد يأتي ذلك من دوران العجلة السينمائية وحدها وإنتاجها، ومن مردود ما يعرض ويقدم من أفلام وفن رفيع. هذا الدعم هو الضمانة الحقيقية عن الحاجة إلى الداعمين، أو أصحاب رؤوس الأموال أو محبي السينما أو الجهات التي تنشد الدعاية واستثمار السينما في جلب الأضواء والاهتمام بهذه الدائرة أو المؤسسة، سواء كانت حكومية أو خاصة. حبل الدعم هذا قصير، قد ينتهي بعد تحقيق المراد أو الحصول على الدعاية الكافية، أو تراخي الداعم والمساند للسينما وتحول اهتمامه إلى مجالات أخرى. هذا ما لاحظناه في خفوت الحماس أحياناً للسينما ومهرجاناتها.
السينما قضية فنية وإبداعية، وعند البعض فرصة للكسب المادي، وهذا لا بأس به عندما يتم تشييد الدور والمباني والقاعات والعروض الجميلة والمتطورة التي تجذب الجماهير من محبي السينما، وتزيد من التعريف بأهمية هذا الفن العظيم والجميل، وتقدم من خلال تلك العروض السينمائية أهم الأعمال والأفلام الحديثة المهمة. كلما زادت دور السينما زاد جمهورها وتولدت فرصة كبيرة للمشاهدة والإنتاج. منذ بدء السينما حضرت وكبرت على يد العشاق والفنانين وأصحاب القضايا الاجتماعية، والذين قدموا أفكارهم وعروضهم عبر تجارب نالت إعجاب الناس، ثم كبرت وتطورت عبر الزمن فكرة السينما وإنتاج الأفلام التسجيلية والقصيرة إلى أن بلغت منتهاها في أعظم أفلام السينما.
السينما تستطيع أن تصنع حضورها ومستقبلها من خلال المحبين والعاشقين والمهتمين بالفكر السينمائي المبدع، السينما ليست مهرجانات فقط تديرها القدرة المالية، وإنما وجودها مثل نار على قمة هرم أو جبل، فقط عندما يخلص المبدعون لمحبوبتهم السينما، حتى وإن بدأت كمحاولات صغيرة في العالم الثالث، وعلى يد قلة من العشاق، فإنها تتطور وتصنع مستقبلها عندما لا يتوقف العاملون في مجالها. الأفلام الصغيرة أو التسجيلية وتجارب المحبين شيء مهم جداً، ومن الواجب تشجيع هؤلاء السينمائيين الجدد وعلى الأخص في منطقتنا الخليجية والعربية، إنها الشمعة والنجمة التي تضيء كدرب السينما في منطقتنا اليوم.