نفد صبر الألمان، وقرر اتحاد كرة القدم إقالة هانزي فليك مدرب المنتخب الأول بعد ثلاث سنوات من توليه المسؤولية عقب الهزيمة القاسية أمام اليابان 1-4، وهي الخسارة الرابعة في 5 مباريات متتالية، لم يصبر الاتحاد الألماني على فليك، كما صبر على خواكيم لوف، الذي قاد المنتخب 15 عاماً، واستمر في منصبه على الرغم من إحباطات مونديال 2018 في روسيا، ثم في بطولة الأمم الأوروبية، وقد كان الاستقرار في قيادة المنتخب الألماني درساً تاريخياً ظل محل إشارة، كلما مارس أي اتحاد ظاهرة التغيير في المدربين، بصفته أحد الحلول للتطوير.
خلال مائة عام، منذ 1923 وحتى 2023 تولى مهمة تدريب المنتخب الأول في ألمانيا 11 مدرباً، وكانت البداية مع أوتو نيرز، فيما استمر سيب هيربرجر 28 عاماً في منصبه، وبات الأمر إسلوباً في قيادة المنتخب، ليستمر المدرب لفترات طويلة من دون تغيير، بينما تولى قيادة منتخب مصر مثلاً خلال الفترة من 1934 إلى اليوم 42 مدرباً، بداية من الأسكتلندي جيمس ماكراي إلى المدرب البرتغالي الحالي روى فيتوريا.
كيف لمدرب حقق ثلاث بطولات مع بايرن ميونيخ في موسم واحد، ويحقق نجاحاً فريداً أن يصاب بفشل ذريع في قيادة منتخب؟.
لم تعد المسألة مدرباً جيداً ولاعباً جيداً، وإنما مشروع متكامل يستمر لسنوات، وكما مرت الكرة الألمانية بتجربة الفشل الذريع في كأس الأمم الأوروبية عام 2000، بالخروج من الدور الأول، بعد احتلال المركز الأخير في المجموعة، ها هي قصة الفشل تتكرر. ولكن بعد بطولة أوروبا في عام 2000 وضع الاتحاد الألماني مشروعاً مدته 10 سنوات، قام على مدرب الناشئين، وتطوير مستواه، وأنتج الألمان 17 ألف مدرب لجميع المراحل السنية، بينما كانت الكرة الإنجليزية في نفس الفترة تملك 900 مدرب للناشئين فقط، ومنذ أيام وضع الاتحاد الألماني خطة إصلاحية جديدة بتغيير شكل منافسات الناشئين أقل من 6 إلى أقل من 11 عاماً.
ولا يمكن لمشروع تطوير فريق نادٍ أو منتخب دولة دون البدء بمراحل الناشئين وفق مشروع طويل الأمد، خاصة مع التغييرات المستمرة في مهارات كرة القدم ومتطلبات مراكز اللاعبين في المباريات.
عندما فاز هانزي فليك في أول ثماني مباريات، بعد توليه تدريب المنتخب الألماني في 2021 قال: «أنا المدرب المناسب».. واليوم تصفه الصحف الألمانية بـ «الجاهل»، وتقول عن الهزيمة «عار عليكم».
** تلك قصة بداية ونهاية هانزي فليك.. ودرس آخر في كرة القدم عن كيفية صناعة فريق بطل، وهي ليست مسألة مدرب ولا هي مسألة لاعبين، وإنما مشروع كامل طويل الأمد ويحتاج إلى صبر الألمان «سابقاً»!