كان خبر الزلزال في المغرب يوم الجمعة الماضي الذي شاهدته على التلفزيون مرعباً ومحزناً على من فقدوا حياتهم بالزلزال وقد أودى بحياة 2946 و5674 إصابة، وبينما كنت أتابع تفاصيل الخبر غرقت في البكاء وشلني الحزن حتى عن متابعة تجميع قصائدي لنشرها في ديوان جديد. وبقيت طوال النهار ألوب من الحزن. وحين جاء المساء دخلت غرفة نومي في محاولة أن أنام. فهدهدت نفسي وقرأت وقلبت بعض الكتب ثم غفوت. ولكنني لم أكن في غفوة الليل الأليف. ولم أكن في يقظة الصبح اللطيف. كنت في صحوة الرائي وحدس الروح حين تغرق في الحزن العميق. فرأيت حلماً، كما يرى الناسك حين يكون وحيداً في الفلاةِ، فلاحَ لي في الحلم أني سابحة والأفلاك أسرى في مداري وتخوم الأرض يمٌّ لا يحد. وأنا بين تخوم وسديم. لم أكن أرى إلا سنا روحي. ولا أستشرف إلا من يقيني. لاحَ لي فيما يشبه الرؤيا سحاب عائم إثر سحاب عائم. ومجاهيل وغابات وأسراب غموض. ونهار موشك والليل في أوله. واختلاط مبهم الغايات. أرواح تضيء كالقناديل وتهوي كالشهب. لا قرار الأرض يحويها. ولا حضن السماء. رأيت فوهات من دم يندفق. وأخلاطاً من الكبريت وأسيد وحديد وحمم. والمحيطات هدير يحتدم. تلفظ الغرقى كأصداف، وتمحو كل ما أبدعه الإنسان: آلاف الحضارات، عصوراً وأمماً. رأيت الأرض تجرفها السيول. رأيت البشر والكائنات والغابات غرقى. والسحب محض هدير يندفق. رأيت ذرات غبار عائداً نحو السدم والعدم! لم أكن في غفوة الليل الكثيف. لم أكن في يقظة الصبح اللطيف، كنت في صحوة الرائي وحدس الروح حين تغرق في الحزن العميق! قفزت من فراشي يمضّني الخوف من قسوة هذا الحلم المرعب. استعذت بالله ونهضت لأغتسل وأتناول فطوري وشرب فنجان قهوتي كل صباح. لكن كعادتي كل يوم فتحت التلفزيون وقلبت القنوات فإذا بقناة إخبارية تبث أخبار الفيضان في ليبيا. وقالوا إنه منذ وصول العاصفة «دانيال» إلى بنغازي أدت إلى انهيار سدود مدينة درنة، وتسارعت الفيضانات في ليبيا. وأدت إلى وفاة 5300 وعدد المفقودين وصل إلى 10 آلاف شخص.
ارتجّ كياني من الحزن والحلم الذي كأنه تنبأ لي بكارثة الفيضان. بعد كارثة زلزال المغرب. ماذا أقول وأي حزن يمضّني على من فقدوا حياتهم بحكم غضب الطبيعة التي لا تميز بين من يستحق غضبها ومن لا يستحق. فأغلب الذين فقدوا حياتهم بالزلازل والأعاصير المتكررة، لم يرتكبوا الأفعال التي غيرت مناخ هذا الكوكب المتميز بالحياة والكائنات وثراء الطبيعة!