ربما هي الطبيعة، تغضب أحياناً، وأحياناً تبتسم.
إنها مثل امرأة حمقاء، ولذلك فشلت مقولة الفيلسوف الانجليزي بأن (المعرفة قوة)، لأنه ما زال الوقت مبكراً جداً كي يسيطر الإنسان على أعصاب الطبيعة، وما زال يجهل الكثير، كي يروض وحشية الطبيعة، وشراستها.
فقد يبدو الأمر أمام المشاهد لما يحدث أن الطبيعة هي التي تعمل على معاناة الإنسان، وتعذيبه، ولكن عندما نقرأ ما يحدث على الأرض، ونفكر في التعسف البشري من شرق الأرض حتى غربها، وبأيدي وعقول دول تتباهى بالتقدم العلمي، والتفوق التكنولوجي، نفهم أن العلم غير العاقل هو الذي يقوم بحفر قبور الفقراء في الدول الصغيرة والنامية، العلم الأحمق هو الذي يؤلب الطبيعة ويحرمها من عفويتها، وجمالها، وفطرتها الأزلية، العلم غير العاقل هو الذي أحرق الغابات، وشق جسد الأوزون، فانبعثت الغازات السامة.
العلم الأحمق هو الذي أباد مخلوقات الطبيعة لأجل الثراء على حساب الطبيعة.
الدول الصغيرة والنامية فقط تجني ما ارتكبته أيدي وعقول الآخرين الذين أغرتهم مقولة بيكون، وإعلانه الشهير الذي أطلقه في العام 1620م.
نتمنى من الشرفاء في هذا العالم، أن يوقفوا النزيف الحضاري، وما تنتهكه العقول العصبية، ونتمنى أن يتحد العالم على كلمة سواء وهي أن الأرض أمنا، ولا بد من برها، واحترام إرادتها، والحفاظ على ثرواتها، لأن هذه الثروات هدية لنا من السماء، علينا يتوجب مسؤولية حمايتها من أيدي العابثين، والمستهترين، والعدميين.
هذه أمنا، وهذه منزلنا، وهذه خيمتنا، وهذه مكاننا الذي لا مكان لنا غيره، وعلينا درء الأخطار عنه، وكبح الكوارث عن حياضه.
الإنسان خليفة الله في الأرض، وعليه تقع واجبات الالتزام الأخلاقي بما أنيطت به من مسؤوليات، والإنسان راعي الأرض كما ذكر الفيلسوف الألماني مارتن هايدجر، ولا يمكن إخلاء مسؤوليته عن ما يحدث من خراب ودمار، ينتج عنه فقدان ملايين الأرواح في مشارق الأرض ومغاربها. فلنكن مع الأرض، لتكون لنا حضناً دافئاً وبيتاً مزدهراً بالجمال، والرخاء، والألفة، والمحبة.
فكل ما يحدث من تشققات في السياسة يجب رتقه، ومنع الثقوب من ترك الهواء الفاسد من الدخول في جسد الأرض.
دعوة ورجاء بمحبة وصدق، نرفعهما إلى المخلصين من بني البشر، وهم كثر والحمد لله، بأن يفتحوا نوافذ الحوار البناء، وفتح الوعي حول ما يمنع تدهور العقل البشري، والذي سببه طغيان الأنا وأوهام القوة، وخرافة العقل الجبار.