نحن مع الجميع، ونقف مع حق الجميع في أن يكونوا مترشحين للمجلس الوطني الاتحادي، وعلينا أن نفرّق بين المرشح والمترشح على الأقل من الناحية اللغوية، والمسألة الانتخابية، وهي مسألة متحضرة في بلدنا الذي ينشد الرقي في الأشياء، وتناول الأمور بعقلانية وتؤدة وتدرج، مستنبطين من إرث مجتمعنا وتقاليدنا ونظامنا القبلي وثقافتنا المحلية ما يسند هذه العملية الديمقراطية لنرقى بها، ونضمن خصوصيتها.
مرشحو المجلس الوطني الاتحادي الرقميون أو «السلفيّون»، راجياً أن لا يروح ذهنكم إلى بعيد حين تعتقدون ما تعتقدون، ترا منذ البداية أقصد بها تصوير «السلفي»، ولا عذر لمجامع اللغة العربية حتى الآن أنها لم تجد كلمة عربية مرادفة للكلمة الإنجليزية، والعالمية الشائعة «Selfie»، في حين رشح المجمع اللغوي القاهري كلمة «ترند» للتصويت والاعتماد، في حين كلمة «سلفي» بالكسر لا بالفتح، والتي غزت كل لغات العالم، بعدها حائرة ودارجة، هكذا هي بعض الكلمات تولد عالمية، ليس هذا الموضوع، موضوعنا مدى فائدة الأعضاء المترشحين للمجلس الوطني من الـ «سوشيال ميديا»، والظهور الإلكتروني، وشرح برامجهم الانتخابية، وتواصلهم مع منتخبيهم، وجمهورهم المقصود، والمستهدف، وبالتالي تقليل مصاريف الدعاية والإعلان التي تستهلك ثلاثة أرباع الميزانية المرصودة، وفي الآخر صور غير واضحة على لوحات خشبية رخيصة الصنع، وعبثت بها أيادٍ غير ماهرة، ولا يمكنك أن تميز بين لوحة حملة انتخابية، ولوحة حملة للحجاج، غاب الإبداع في الدعاية والإعلان، لأن الشركات المهنية تتطلب وتطلب مبالغ عالية لا تتحملها ميزانية وذهنية مرشح سينادي، إن فاز بعد شهر، بالتقشف، وترشيد الإنفاق، حتى إنها سرت شائعة أن الحكومة ستعوض الفائزين عن مصاريفهم في الحملة الانتخابية في وسائل التواصل الاجتماعي، فاضطرت لتكذيبها في وسائل الإعلام التقليدية، وأن لا تعويض لا للفائزين ولا للخاسرين، وللجميع قبض الهواء، لأن الإنسان يعجب منهم بصراحة، هذا وبعدهم ما قرؤوا ولا أقسموا، ويريدون أن يقبضوا على السريع.
تلك بعض من مساوئ التواصل الاجتماعي المباح، والكل يمكن له أن يدلي فيه بدلوه- طبعاً هذا تعبير شكله قديم لمصطلح جديد- بصراحة لا يتماشى معه، أقصد أنه مورد للكل، خلاص ما في فائدة يغلب الطبع على التطبع، نستعير عبارات من الصحراء لزمن الديجتال، المقصد أنه يستخدمها القاصي والداني أو بتعبير عصري، الإنسان المسؤول، وعديم المسؤولية.
وسائط التواصل الاجتماعي قدرت أن تؤثر أو تخربط برامج بعض الأعضاء القدامى والمترشحين من جديد لعضوية المجلس، فحاسبتهم بأثر رجعي، وأظهرت برامجهم الانتخابية القديمة التي لم يعف عليها الدهر، وهذه ميزة الديجتال، كله موجود ومخزّن، والبرامج القديمة لم يتحقق منها شيء، ووعودهم للناخبين بأنهم سيكونون عند حسن الظن بهم، منهم الذي قال: سيسعى لتطبيق مفهوم العصرنة، وتعميم مصطلح الحداثة في كل أمور حياتنا، ونمط تفكيرنا، ومنهم من قال إنه سينادي بالتوطين، وإحلال «الأمرتة» في الوظائف، وصناعة الكوادر العاملة، ومنهم من تحمس للغة العربية، ونادى بأن نعض عليها بـ «النواجز»، فلا سلمت اللغة العربية من اللحن، ولا سلمت أطقم الأسنان الطبشورية من الكسر، لكن ليس علينا أن نندهش من الحالات الانتخابية التي تحمل روح الدعابة والظرف وشيئاً من الغرابة؛ لأنها موجودة في الانتخابات في كل مكان وفي كل المجالات السياسية والنقابية والثقافية وغيرها، وبعض من المترشحين يدخلون أنفسهم في دهاليز المصطلحات غير الواضحة في الحياة العامة، فزمان سمعنا بواحد ينادي بالشفافية و«الخصوصة» معاً، وكان المرشح الذي يقف ضده ينادي بالتعدد في سنوات التقاعد، حتى أنه كان يلمح إلى أن لكل متقاعد عانسة ومثنى وثلاث ورباع، وكثير منهم ظل يتعكز على مصطلح الاستراتيجية، وحين لم يفز، كان يجب عليه مراجعة استراتيجيته الانتخابية قبل المطالبة باستراتيجية بعيدة المدى تخص المصلحة العامة. تضارب للمصطلحات، وفرض وجودها في حياتنا المتأملة، دون أن تختبر على واقع الحال لننطلق منه ومن أجلها، غير أن هذا الأمر كان غائباً لبدائية التجربة الديمقراطية، وهذه المرة برز مصطلح الاستدامة دون وضوح في الرؤية، ولا تركيز في الهدف من العضو المترشح المحترم والذي يظهر في صورة «السلفي» أنه في مكان لا يعتني بالبيئة، والحفاظ عليها، والاستدامة تكاد لا ترى إلا من مكان بعيد، ولا يُبين!