عندما تولى الإيطالي فابيو كابيللو قيادة منتخب إنجلترا عام 2008، كان ثاني مدرب أجنبي يتولى المنصب، بعد السويدي سفين جوران إريكسون أول مدرب أجنبي يقود إنجلترا منذ عام 1947، وهو العام الذي شهد تعيين أول مدرب للمنتخب رسمياً.
كابيللو صرح فور توليه المنصب بأن اللاعبين الأجانب في الدوري الإنجليزي أصابوا المنتخب بضرر بالغ، وبذلك طرح يومها قضية قديمة بشأن تأثير الأجانب على المنتخب بدولة ما، فهل كثرة اللاعبين الأجانب لها تأثير سلبي على كرة القدم فيها، وعلى المنتخب؟
تنفرد الكرة الإنجليزية بظاهرة «أقوى دوري في العالم، وأكبر صالة عرض للاعبين وللمدربين، بينما يعاني منتخبها الذي لم يحقق سوى بطولة واحدة، حين فاز بكأس العالم عام 1966»، ومن الظاهرة الإنجليزية ولدت مقارنة في صيغة سؤال: أيهما أهم الأندية والمسابقة المحلية، أم المنتخب والمسابقات الدولية؟
أجزم بأن قوة «البريميرليج» صنعها الأجانب، سواء اللاعبين أو المدربين أو الإداريين، فقد ظلت الكرة الإنجليزية، مثل الجزيرة البريطانية جغرافياً، محاصرة بالماء، ومغلقة على نفسها، ولا تختلط بثقافات مختلفة، ومع الانفتاح على الأجانب، ارتفع مستوى الدوري، فهم الذين جعلوا اللاعب الإنجليزي يلعب الكرة على الأرض، ويتعلم التحضير والمناورة، وكان قديماً يركل الكرة ويجري خلفها، ويجري حولها ويجري منها. لقد ظلت الكرة الإنجليزية جيدة بالتاريخ والريادة، لكن غاب عنها مهارات مهمة، وغاب عنها لسنوات الابتكار والإبداع الفردي والجماعي. واليوم يلعب منتخب إنجلترا كرة أفضل، مما كان يلعبها قديماً، وفرق الأندية الإنجليزية هي سيدة أوروبا من ناحية التنافسية والقوة ونسب المشاهدة عالمياً، وينافسها بالطبع ريال مدريد وبرشلونة في إسبانيا، وبايرن ميونيخ في ألمانيا، وغابت الفريق الإيطالية عن مشهد القمة منذ تسعينيات القرن الماضي، وربما هي عائدة، لكنها لم تصل للمكانة نفسها التي كانت عليها.
المشكلة الأساسية في إنجلترا وفي غيرها من الدول، بما فيها دول منطقتنا، أن تعريف اللعبة الشامل غير مكتمل، فهي ليست المنتخبات وحدها، وليست المسابقات المحلية وحدها، وإنما اللعبة هي كل ما يتعلق بها، بدءاً من فرق الناشئين ورعايتهم، وصناعة المواهب، وفقاً لمهارات اليوم ولمهارات المستقبل، وهذا بالإضافة إلى الملاعب والمدربين والحكام والجمهور والتنظيم، إن كرة القدم في الدولة هي كل هذا وأكثر.
عندما فاز منتخب مصر بكأس الأمم الأفريقية ثلاث مرات على التوالي 2006، و2008، و2010، قال لي رئيس الاتحاد المصري سمير زاهر: «أظن أن الكرة المصرية بخير الآن، قلت له: «المنتخب هو فقط بخير، لكن الكرة المصرية ليست في أحسن حال».
** اختلفت مع تصريح فابيو كابيللو هذا المدرب الإيطالي الكبير، وهو قطعاً لا يدري، وعموماً الاختلاف لا يفسد للود قضية!