إشارات الشتاء تأتي مثل البشارة الأولى لثمرة نخلة (النغال) التي تسبق كل النخيل، وتعلن أن موسم الرطب قد حلّ في المدينة. وأجمل الأشياء التي تهل أو تحضر قبل أوانها، تأتي وتنشر البهجة والفرح ثم تغير رتم الحياة، وقد بدأ الشتاء في إطلالة رائعة، يزدان فيها كل شيء، تملأ السعادة نفوس الجميع في الفصل الجميل. فالحياة بديعة في شتاء الإمارات، وقت يحضر بكل بهاء وجمال، وأشهر يتبدل فيها كل شيء، هواء عليل، ورياح باردة تبعث الانشراح والحب، وزخات من المطر بين فترة وأخرى، واخضرار الصحاري، وتدفق الوديان، وفرحة الجبال بالنباتات والأشجار التي تعاود الظهور بعد قيظ شديد الحرارة. 
الشتاء حياة جديدة مليئة بالجمال. ومن تباشير الشتاء وعلامات حضوره الجميل، مظاهر صغيرة ولكنها البشارة الأولى بالتغير إلى واقع الشتاء الذي يبدأ للتو وخاصة في السواحل، حيث تتغير درجات الحرارة، وتتغير الرياح وهبوبها واتجاهاتها. تبدأ من رياح البحر وهبوبها الخفيفة، إلى رياح الشمال والكوس والمطلعي، ثم رياح الغربي. وكل هذه الرياح، تأتي علامات الشتاء، حيث تصل الطيور المهاجرة ويسبق الجميع طائر (الطليلي) وطائر الخصيفي والفنتير. وعندما يبدأ الشتاء ويجمّل حضوره السواحل تأتي طيور النورس على مختلف ألوانها وأشكالها. البلد الجميل يزهو ويزداد إشراقاً، كلما جاء الشتاء، يزدان كل شيء ويصبح أكثر دفئاً، لا يعادل هذا البلد شيء، لديه مدن الفرح والجمال والحب، وعندما يهبك الله الحب وروح التسامح، فإنك لن تبخل بها على الآخرين. هب الحب والفرح للناس جميعاً، تسعد، وتشعر بالطمأنينة والسلام الداخلي.
 الشتاء واهب الهدوء وراحة البال والنفس والقلب، جمال الطقس وهطول الغيث- المطر، رحلة السحب اليومية التي تطوف السماء، هذا التغير الكبير في كل شيء، مدعاه لاستغلال هذا الفصل الجميل لصنع حياة جديدة وأيام بديعة... بالأمس كنت أطوف بالشاطئ الذي يبعد أمتاراً عن منزلي، كانت هبوب رياح البحر تأتي من الشمال باردة، مع أمواج خفيفة وتعانق رمل السيف. حط بجواري طائر البحر (الخصيفي) أخذ يخوض البحر، يبحث عن سمكة، وبجواره طائر آخر من نوع (الطليلي) وهو أيضاً يسابق المد والجزر، بين هجوم عند انحسار البحر ليصطاد قوته من كائنات دقيقة، تظهر عند رجوع الموجة إلى البحر، ثم هروب إلى الرمل عند اندفاع الموج. إنها طيور الشتاء لا تحضر إلا في وقتها، وزمنها، وعندما يتأكد حضور هذا الضيف الجميل/ الشتاء. هذا الباعث فينا الحب والجمال وزارع الدفء في الصدور، وواهب الخيرات والفرح، ليس للناس وحدهم، بل حتى للطيور وسائر الكائنات. تكفينا فقط الرياح الباردة العليلة والغيث والمطر، الذي سيأتي بالتأكيد بعد حين. فهذا التغير الجميل هو الحب والفرح والسعادة التي تصاحب الشتاء. الآن سنبدأ في فصل الحب البديع، مرحباً بالشتاء.