لحظات سعيدة تلك التي نقطعها بين ممرات معرض الكتاب، آلاف الكتب متعددة الموضوعات الفكرية والثقافية والأدبية تحملها عناوين جميلة، وحده السير بين ووسط هذه الأعداد الكبيرة من الكتب يشعرك بالسرور والسعادة، فرحة وكأنها العيد. نعم عيد الثقافة والمعرفة، يأتي المعرض كل عام لنشر السرور عند القراء الذين ينتظرون حضوره دائماً. معرض الكتاب بالشارقة، بالتأكيد هو أكبر ظاهرة ثقافية ومعرفية، صنع له جمهوراً عريضاً، بل صنع أجيالاً كثيرة، نشأت منذ الطفولة على الحضور كل عام إلى ساحته الكبيرة، الأطفال والصغار الذين يصنعون الفرح وينشرون الجلبة الجميلة بين ممراته وزواياه وأركانه يوماً، قبل أن يصبح هؤلاء الصغار الآن في المراحل الجامعية أو التحقوا بالحياة والعمل، كانوا هم زينة المعرض دائماً، وما زالوا تأتي بهم المدارس إلى حضن الثقافية والمعرفة، بقصد التعرف على الكتاب وعروضه الجميلة المتنوعة، يأتون فرحين بقصد الرحلة المدرسية والفسحة الجميلة، التي يحبونها وبعيداً عن غرفة الدراسة، ولكن تلك الرحلات المدرسية الجميلة والحكيمة، تزرع في عقول التلاميذ والطلاب، حب الكتاب والقراءة والمعرفة.
كل طلاب المدارس الذين أصبحوا الآن كباراً يتذكرون تلك الرحلات المهمة والجميلة، ويؤكدون جميعاً أن الكتاب طبع في ذاكرتهم وأنفسهم احترام القراءة والاطلاع. بالأمس قال لي أحدهم إنه سعيد بالمعرض ويتذكر منذ الطفولة الزيارات السنوية لمعرض الكتاب، وهو ممتن لمدرسته التي أخذته يوماً إلى مشعل النور والعلم والمعرفة، لقد زرع في نفسه وقلبه حب الكتاب والفرح الشديد بحضور المعرض في مواعيده الثابتة، واستمراره كل هذه السنين الطويلة.
المعرض ساحة حقل كبير زاهٍ بصنوف الثقافة وثمار المعرفة، الكتاب شعلة ومصباح يهدي إلى طريق النور وتربية النفس. أجمل اللحظات تلك التي تمضي فيها وقتك مع الكتاب الذي تحب أن تقرأ مضمونه والذي يتوافق مع فكرك واتجاهاتك واهتماماتك الثقافية، فإن كان شعراً فأنت تحلق مع القصيدة والشاعر إلى سماوات بعيدة ودنيا تصنعها لذاتك، قد تكون القصيدة هي الشرارة والومضة التي تأخذك إلى عالم آخر، ربما إلى النجوم والقمر أو إلى الفضاء البعيد. وإن كان الكتاب ثقافياً/ أدبياً أو فكرياً أو غير ذلك، فإن الكثير من الأفكار الجديدة تنمو في عقلك وتفكيرك وتزداد معرفة وتراكم ثقافة متجددة دائماً، وتزداد رسوخاً في الفكر، الذي بنيت عليه فلسفتك في الحياة. معرض الكتاب هو المنارة الشامخة التي ننتظرها كل عام، موعد يأتي في وقته وزمنه، الجميع سعيد بهذا الحضور البهي، حتى الذين لا تمكنهم ظروفهم من الحضور، فإنهم يعيشون السعادة والبهجة والفرح، تماماً كما يسعد الجميع بالربيع أو هطول المطر. الإمارات جميلة بهذه التظاهرة الثقافية والمعرفية والفنية التي تقام في المدن الكثيرة والتي تشرق مثل شمس الصباح دائماً.